حكم بلا نكو الصادر عام 1873 يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية المرفق العام و تتلخص وقائع الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تابعة لمصنع تبغ بوردو طفلة فأوقعتها وجرحتها , فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالباً التعويض من الدولة باعتبارها مسؤولة مدنياً عن الخطأ الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها , إلا أن محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء الإداري وليس القضاء العادي وقضى بأنه " لا تختص المحاكم العادية إطلاقاً بالنظر في الدعاوى المقامة ضد الإدارة بسبب المرافق العامة أياً كان موضوعها , حتى لو كانت تستهدف قيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضاً عن الأضرار الناشئة عن عملياتها دون إلغاء أو تعديل و تفسير قرارات الإدارة".
ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الأضرار التي تسببها المرافق العامة فورد : " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تسببها للأفراد بفعل الأشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدني لتنظيم الروابط بين الأفراد بعضهم وبعض ، وأن هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة ، بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجات المرفق , ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق الخاصة".
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن أساس القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارته ويستهدف تحقيق المصلحة العامة.
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام.
وقد عزز هذا الاتجاه أن وضع العميد (ديجي) لأسس نظريته عن المرافق العامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون الإداري حتى باتت تقوم على اعتبار المرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف في قواعد القانون الخاص.
وقد تجاوزت هذه النظرية الانتقادات التي وجهت لمعيار التفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية ، فشملت جميع نشاطات الإدارة المتصلة مباشرة بالمرافق العامة التي يحكمها القانون الإداري.
ويختص القضاء الإداري النظر في المنازعات الناشئة عنها من قبيل القرارات والعقود الإدارية والأعمال المادية سواء أصدرت عن الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة لها , ما دامت تستهدف من هذه الأعمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام.
مع ضرورة الإشارة إلى استثناءين محدودين في هذا المجال يتعلق الأول بإدارة الدولة أو الأشخاص التابعة لها لأموالها الخاصة فلا تكون في هذه الحالة أمام مرفق عام , أما الاستثناء الأخر فيتعلق بعدول الإدارة عن استعمال وسائل القانون العام واستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي هاتين الحالتين تطبق قواعد القانون الخاص, ويختص القضاء العادي بالنظر في المنازعات الناشئة عنها.
وقد أيد جانب كبير من فقهاء القانون الإداري هذه النظرية كأساس للقانون الإداري الذي أصبح يسمى " قانون المرافق العامة " وأطلق على أنصارها"مدرسة المرافق العامة"
ومن أبرز فقهاء هذه المدرس تيسيه, ديجي, وبونار , و جيز.
وهذا تعليق حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08فباير 1873 – قضية بلا نكو :
إن محكمة التنازع الفرنسية بموجب قرار بلانكو قد قررت من جهة مسؤولية الدولة
عن الأ ضرار الناجمة عن المرافق العامة, ومن جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري
بالفصل في المنازعات المتعلقة ببيان الوقائع والإجراءات :
(مسؤولية مرافق الدولة)
تتمثل الوقائع في كون طفل قد صدم و جرح بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي
تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الإستغلال المباشر.
وقد رفع أب الطفل دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية
المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى1384 من القانون المدني .
ورفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أ سندت الإختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
وبذلك أقر قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها , غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأ فراد وذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري والنتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و24 غشت 1970 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري.
وإذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها , ومن ذلك أن المرفق العام لم يعد هو المعيار المتميز لتحديد الاختصاص النوعي وبالخصوص النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي والتجاري التي أصبحت من اختصاص القضاء العادي. كما ان المشرع قد تدخل في بعض الميادين لتوزيع الإختصاص مثل قانون 31 شتنبر 1957 الذي أحال على المحاكم العادية منازعات الأضرار التي تتسبب فيها المركبات (مثل قضية بلانكو).
وقد تكون قانون المسؤولية الإدارية منذ قرار بلانكو على أسس قضائية بالدرجة الأولى , وبصفة متميزة عن القانون المدني , غير أن النتائج المتوصل إليها لم تكن حتما مغايرة للحلول التي توصل إليها القاضي العادي , كما انه لم يقع استبعاد قواعد القانون المدني ومبادئه بصفة كلية .
وإذا كانت ميزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام والمطلق لمسؤولية الدولة, فإن هذه الأخيرة قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ,سواء بناء على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة,وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر من القانون المدني.
من إعداد عبدالله أنهاي ('للأمانة)
منقول للفائدة
ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الأضرار التي تسببها المرافق العامة فورد : " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تسببها للأفراد بفعل الأشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدني لتنظيم الروابط بين الأفراد بعضهم وبعض ، وأن هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة ، بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجات المرفق , ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق الخاصة".
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن أساس القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارته ويستهدف تحقيق المصلحة العامة.
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام.
وقد عزز هذا الاتجاه أن وضع العميد (ديجي) لأسس نظريته عن المرافق العامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون الإداري حتى باتت تقوم على اعتبار المرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف في قواعد القانون الخاص.
وقد تجاوزت هذه النظرية الانتقادات التي وجهت لمعيار التفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية ، فشملت جميع نشاطات الإدارة المتصلة مباشرة بالمرافق العامة التي يحكمها القانون الإداري.
ويختص القضاء الإداري النظر في المنازعات الناشئة عنها من قبيل القرارات والعقود الإدارية والأعمال المادية سواء أصدرت عن الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة لها , ما دامت تستهدف من هذه الأعمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام.
مع ضرورة الإشارة إلى استثناءين محدودين في هذا المجال يتعلق الأول بإدارة الدولة أو الأشخاص التابعة لها لأموالها الخاصة فلا تكون في هذه الحالة أمام مرفق عام , أما الاستثناء الأخر فيتعلق بعدول الإدارة عن استعمال وسائل القانون العام واستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي هاتين الحالتين تطبق قواعد القانون الخاص, ويختص القضاء العادي بالنظر في المنازعات الناشئة عنها.
وقد أيد جانب كبير من فقهاء القانون الإداري هذه النظرية كأساس للقانون الإداري الذي أصبح يسمى " قانون المرافق العامة " وأطلق على أنصارها"مدرسة المرافق العامة"
ومن أبرز فقهاء هذه المدرس تيسيه, ديجي, وبونار , و جيز.
وهذا تعليق حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08فباير 1873 – قضية بلا نكو :
إن محكمة التنازع الفرنسية بموجب قرار بلانكو قد قررت من جهة مسؤولية الدولة
عن الأ ضرار الناجمة عن المرافق العامة, ومن جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري
بالفصل في المنازعات المتعلقة ببيان الوقائع والإجراءات :
(مسؤولية مرافق الدولة)
تتمثل الوقائع في كون طفل قد صدم و جرح بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي
تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الإستغلال المباشر.
وقد رفع أب الطفل دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية
المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى1384 من القانون المدني .
ورفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أ سندت الإختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
وبذلك أقر قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها , غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأ فراد وذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري والنتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و24 غشت 1970 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري.
وإذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها , ومن ذلك أن المرفق العام لم يعد هو المعيار المتميز لتحديد الاختصاص النوعي وبالخصوص النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي والتجاري التي أصبحت من اختصاص القضاء العادي. كما ان المشرع قد تدخل في بعض الميادين لتوزيع الإختصاص مثل قانون 31 شتنبر 1957 الذي أحال على المحاكم العادية منازعات الأضرار التي تتسبب فيها المركبات (مثل قضية بلانكو).
وقد تكون قانون المسؤولية الإدارية منذ قرار بلانكو على أسس قضائية بالدرجة الأولى , وبصفة متميزة عن القانون المدني , غير أن النتائج المتوصل إليها لم تكن حتما مغايرة للحلول التي توصل إليها القاضي العادي , كما انه لم يقع استبعاد قواعد القانون المدني ومبادئه بصفة كلية .
وإذا كانت ميزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام والمطلق لمسؤولية الدولة, فإن هذه الأخيرة قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ,سواء بناء على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة,وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر من القانون المدني.
من إعداد عبدالله أنهاي ('للأمانة)
منقول للفائدة