المبحث الأول : نطاق نزع الملكية العقارية
المطلب الأول : شروط نزع الملكية العقارية
تقتضي عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ضرورة احترام الشروط واتباع الإجراءات وفق القانون 91-11 المتعلق بنزع الملكية من أجل الملكية العقارية ويمكن تصنيفها إلى :
الفرع الأول : الشروط الخاصة بطبيعة ونوعية الملكية
بما أن حق الملكية باعتباره أقوى الحقوق العينية الأصلية يجمع كل الحقوق المتفرعة عن في يد مالك واحد غير أنه يحدث أن تقتطع لحساب شخص آخر بعض السلطات وعندئذ يكون لهذه الأخيرة حق الاستعمال وحق استغلال الملك والانتفاع وسكناه وكذلك حق الارتفاق لعقار مجاور مملوك للغير وذلك وفقا لما حدده القانون..
وبالتالي فان إجراء نزع الملكية الذي تباشر به الإدارة يرد على الملكية العقارية والحقوق العينية الأصلية لها.
وبالتالي تنفيذ الإجراء يكون على الملكية العقارية و ما يتفرع عنها من حقوق عينية أصلية دون المنقولات والحقوق الشخصية.
فان الإجراءات تستهدف منها نزع الملكية كاملة فإنها قد تنصب على حق الاستعمال أو الاستغلال أو الارتفاق وتحدد التحقيقات طبيعة المنفعة العامة المراد تحقيقها ومدى حاجتها للملكية العقارية لتلبية تلك المنفعة العامة.
ومن بين الحقوق العينة العقارية المتفرعة عنها والتي يمكن نزع ملكيتها كلها أو بعضها دون ملكية الرقبة.
* فإذا تقرر نزع حق الانتفاع من أجل المنفعة العامة سواء من صاحب الملكية أو من مالك حق الانتفاع منفردا فانه يتطلب تحديد مدته وعادة ما يكون ذلك مرتبطا ببقاء المنفعة العامة قائمة ما لم يحدد القرار إداريا مدته بما أن هذا الحق يتطلب تعيين مجال استعماله( ).
* حق الارتفاق هو حق يرد على العقار المرتفق به سواء على باطنه أو سطحه أو علوه أو فضائه لفائدة العقار المخدوم.
وبالنسبة للمنفعة العامة فقد يكون ذلك لفائدة إقامة مجاري المياه أو الأشغال العمومية بحق الارتفاق بحرمان ملك العقار من البناء أو التعلية.
* إن حق الانتفاع أو الارتفاق هما الحقان اللذان يصور ملكيتهما لفائدة المنفعة العامة ، أما ما يتعلق بالسكن فواضح أنه لا يحقق منفعة عامة فيتم نزعه منفردا عن ملكيته التامة مثل " حق الاستعمال" والأجدر نزع ملكية حق الانتفاع ، وهذا ما نصت عليه ف1 من المادة 26 من قانون 91/11 على أنه " إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزء من العقار يمكن للمالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعمل"
الفرع الثاني : الشروط الخاصة بالمنفعة العمومية
أوجب القانون على جهة الإدارة التي ترغب في نزع ملكية العقارات أو الحقوق العينية العقارية المملوكة للخواص قبل اللجوء إلى هذه الطريقة الاستثنائية أن تسعى للحصول عليها بالطرق الودية.
هذا من حيث تقييد الإدارة في الأسلوب الواجب اتباعه .
أما بالنسبة للمنفعة العامة بمرونة هذا المصطلح الذي لو ترك للإدارة الحية في تغطية تصرفاتها به لأدى ذلك إلى توغلها وتعسفها في حق ملك الخواص باللجوء لهذه الطريقة إلى تجريدهم من أملاكهم .
ولهذا حدد المشرع الجزائري على سبيل الحصر المجالات التي يمكن فيها للإدارة الاستفادة من تقنية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ولهذا نصت الفقرة 2 من قانون 91/11 على أنه:
" وزيادة على ذلك لا يكون نزع الملكية مكن إلا إذا جاء بتنفيذ العمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية تخص التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط لإنشاء تجهيزات جماعية"
الفرع الثالث: الأدوات التي يلجأ اليها عند الضرورة
فمن خلال نص المادة 2 فقرة 2 من قانون 91/11 السالف الذكر يستخلص أن نزع الملكية للمنفعة العامة لا يمكن أن يلجأ اليها إلا إذا تطلبه:
* تنفيذ العمليات الناتجة عن تطبيق الإجراءات أدوات النظامية في مجال التعمير والتهيئة العمرانية
هنا يجب أن تبرز إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بأن الغرض من الحصول على العقارات أو الحقوق العينية العقارية المعنية ضرورة تنفيذ عمليات تطلبتها الأدوات النظامية المقررة في إطار مخطط التعمير والتهيئة العمرانية لأن هذه الأدوات تشكل بحد ذاتها جزء من هذا المخطط وفي هذا الخصوص نصت م 10 من قانون 92/22 المتعلق بالتهيئة والتعمير بأن :
تشكل أدوات التعمير من المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير ومخططات الشغل وتكون أدوات التهيئة والتعمير وكذلك التنظيمات التي هي جزء لا يتجزأ منها قابل للاحتجاج بها أمام الغير ( )..
* إنشاء التجهيزات الجماعية والمنشآت والأعمال الكبرى ذات المنفعة العامة:
إن التجهيزات الجماعية هي تلك المنشآت تحدث لإشباع أغراض المنفعة العامة فالمدارس
والمستشفيات، ومصالح البريد والمواصلات والمساحات المخصصة للترفيه وغيرها مما تستقبل وتقدم خدماتها للجمهور مباشرة في مرفقها كما تشمل أيضا المنشآت ومجموعة الهياكل التي تقام لتزويد الجمهور بالحاجيات العامة كمنشآت توليد الكهرباء وتوزيعها واستخراج أو جمع المياه وتخزينها وتوزيعها أما المنشآت والأشغال الكبرى فمن أمثلها شق وتوسيع الطرق العمومية وخطوط السكك الحديدية واستخراج واستغلال الثروات ونقلها ... الخ.
المطلب الثاني : مجال تطبيق نزع الملكية
الفرع الأول : الأهداف المرتبطة بنزع الملكية
إن نزع الملكية ليس شرعيا إلا عندما تتطلبها المنفعة العامة وفكرة المنفعة العامة هذه تختلف في القانون القديم أي أمر 25 ماي 1976 فهذا الأمر أعطى تعريفا واسعا للمنفعة العامة حيث تنص المادة الثانية على أنه :" تمكين العقارات أو الحقوق العينية العقارية الضرورية لتأمين احتياطات المصالح العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات الاشتراكية ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي عن طريق نزع الملكية وذلك ضمن الشروط المحددة لهذا الأمر"
فقد مددت المنفعة العمومية لتصل إلى العمليات التي قد تقوم بها المؤسسات العمومية ذات الطابع الاقتصادي فهذه المؤسسات كان لها الحق في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أما قانون 91-11 فقد جعلها تتمثل في:
عمليات التعمير والتهيئة العمرانية
العمليات التي تدخل في إطار التخطيط.
ويكون الهدف من هذه العمليات هو إنجاز تجهيزات جماعية ، منشآت وأعمال كبرى ذات المنفعة العامة وهذا النص م 212 من ق 91/11 التي تنص على أنه :" لا يكون نزع الملكية ممكنا إلا إذا جاء تنفيذ العمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط تتعلق باتساع تجهيزات جماعية ومنشآت واعمال كبرى ذات منفعة عامة".
وبذلك يكون أمر 76-48 قد وسع مفهوم المنفعة العامة وهنا نقول أن القانون وحده هو الذي يحدد فكرة المنعة العامة.
والمشرع الجزائري لتعريف المنفعة العامة في قانون 91-11 قد كان غرضه من وراء أبعاد الإدارة عن استعمال امتيازات السلطة العامة لأهداف اقتصادية ، أن الإدارة مقيدة عندما تقوم بإنجاز المشاريع العامة فلا يمكنها أن تستعمل نزع الملكية من أجل المنفعة الخاصة فلا بد أن يكون هدفها الرئيسي هو تحقيق المنفعة العامة.
وتقدير المنفعة العامة يدخل ضمن السلطة التقديرية للقاضي يراقب مشروعية ، وينظر إلى الملائمة ، والمحكمة العليا قد كانت تمنع عن تحقيق من وجود أو عدم وجود منفعة عامة .
فهي بذلك ترفض التدخل في مراقبة الملكية وبسبب التجاوزات من قبل الإدارة كان لازما على القضاء التدخل لمراقبة من مطابقة عملية الإدارة للأهداف المصرح بها.
الفرع الثاني: الأموال المعنية
إن نزع الملكية لا ينصب إلا على العقارات أي الأملاك العقارية وكذلك ينصب على الحقوق العينية العقارية مثل حق الانتفاع والإرفاق...الخ وهذا بنص الفترة من المادة 2 من قانون 91-11:" طريقة استثنائية لإكساب أملاك أو حقوق عقارية..." ونحاول تفصيل ذلك على حدى .
أولا-العقارات:
لا يرد نزع الملكية على المنقولات وميدانه هو العقارات ، وهذه العقارات لابد أن تكون تابعة للخواص حيث أن الأملاك العامة لا يجوز التصرف فيها بأي شكل من أشكال التصرف وهذا طبقا للمادة 689 من القانون المدني الجزائري.
ونزع الملكية قد يكون على كامل العقار وقد يكون على جزء منه فإذا كان على كامل العقار بما بقي لمدة معينة دون أن تقوم الإدارة باستعماله جاز للمالك أو أصحاب الحقوق طلب استرجاع ملكية العقار وهذا في حالة إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الشغال ضمن المجال المحدد في العقد أو القرارات التي ترخص بالعملية المعنية وهذا ما تنص عليه م 32 من قانون 27 افريل 1991
كما أنه من حق الأفراد المعنيين طلب نزع الملكية التامة عندما تكون العقارات الباقية غير صالحة للاستعمال وهذا في حالة إذا كان نزع الملكية لا يعني الأجزاء من العقار وهذا ما تنص عليه المادة 22/ف1 من قانون 27 أفريل 1991 ويقصد بنزع الملكية ما فوق الأرض كما قد يقصد به باطن الأرض وفي هذه الحالة الأخيرة نصت المادة 31 من المرسوم رقم 94-41 المؤرخ في 29 جانفي 1994 على أنه " إذا رفض مالك الأرض التي تفجرت فيها مياه معدنية اجارها أو تنازلا عنها فإنها يمكن نزع ملكيتها وفقا بأحكام القانون 91-11 بعد إنذار لمدة سنة واحدة من طرف الولي فقط المختص"
فالمشرع الجزائري فيما يتعلق بالعقارات بالتخصيص فانه لم يتطرق لهذا الأمر 76-48 في قانون 91* 11 كما أن نزع الأملاك المعينة و المقامات التاريخية والأثرية لم يتطرق اليها قانون 91-11 وامر 76-48.
وهنا نجد أن قانون 91-11 لم يملأ النقص الذي كان في أمر 76-48 بل أن هذا القانون الجديد يحتوي هو الآخر على نقائص.
ثانيا _الحقوق العقارية:
لقد تطرق قانون 91-11 إلى الحقوق العينية العقارية ولكنه لم يفصلها ولذا كان علينا أن نرجع إلى القانون المدني وتمثل هذه الحقوق في حق الانتفاع، حق الارتفاق- حق الاستعمال والسكن ، حق الامتياز وكذلك حق الرهن الرسمي.
*حق الانتفاع :
هو حق عيني يكتسب بالتعاقد وبالشفعة و بالتقادم أو بمقتضى القانون وعلى المنتفع استعمال العين بحالتها التي تسلمها وجها و لم يلتزم أثناء انتفاعه بكل ما يعرض على العين المنتفع بها من التكاليف المعتادة وبكل النفقات التي تقتضيها أعمال الصيانة ، كما يجب على المنتفع بذل العناية اللازمة للمحافظة على العين محل الانتفاع ، وينتهي هذا الحق بانقضاء الأجل المعين أو بهلاك الشيء أو بعدم الاستعمال مدة 15 سنة (التقادم المسقط) طبقا للمواد 44 إلى 54 من القانون المدني الجزائري.
*حق الاستعمال وحق السكن:
تطرقت إليه المواد من 855 إلى 873 من القانون المدني ونطاق هذا الحق يتحدد بقدر ما يحتاج إليه صاحب الحق فلا يجوز التنازل للغير عن حق الاستعمال وحق السكن إلا بمقتضى شرط صريح أو مبرر قوي ، فنفس القواعد التي تحكم حق الانتفاع وحق السكن تحكم حق الاستعمال والسكن.
*حق الارتفاق:
هو حق يجعل حد لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر لصالح صاحب العقار الثاني ، وينشأ هذا الحق
عن الموقع الطبيعي للأمكنة أو يكتسب بعقد شرعي أو بالميراث فهو لا يكتسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما في ذلك المرور وهذا تطبيقا للمواد من 867 إلى 881 من القانون المدني الجزائري.
*حق الرهن الرسمي:
هو عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار وفاءا لدينه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء حقه من قيمة تلك العين في أيدي كانت وقد تطرقت إلى أموال الرهن الرسمي المواد من 882 إلى 936 من القانون المدني الجزائري.
*حق الامتياز:
لحق الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين بمراعاة منه لصفته ولا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني وترد حقوق الامتياز على جميع أموال المدين من منقول أو عقار أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون محصورة على منقول وعقار معين للمواد 982 إلى 1001 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثالث: الأشخاص المعنيين
أولا-الاختصاص بقرار نزع الملكية:
إن إجراءات نزع الملكية تتم بقرار إداري وبالرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم 93-86 المؤرخ في 27 يوليو لسنة 1993 المحدد كيفيات تطبيق القانون رقم 91-11 المتعلق والمحدد لقواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العامة نجد أن سلطة التصريحية بالمنفعة العامة في نزع الملكية يكون من اختصاص الوزير المعني وزير المالية بموجب قرار وزاري مشترك هذا عندما توجد الأملاك المعنية بالنزع على إقليم ولا يتبين أو تعدى أما إذا كانت الأملاك المعنية داخل تراب ولاية واحدة فتكون من اختصاص الوالي وفي هذه الحالة يكون الوالي ممثلا للدولة.
هذا فيما يخص سلطة التصريحية بالمنفعة العامة أم فيما يخص سلطة إصدار قرار نزع الملكية فيكون من اختصاص الوالي حتى وان كانت الأملاك المراد نزعها تقع على إقليم ولا يتبين أو عدة ولايات وهذا ما نصت عليه المادة 44 من نفس المرسوم حيث انه :" إذا كانت الأشغال مما يجب إنجازه على تراب ولايتين أو عدة ولايات فان المستفيد من نزع الملكية يحول الملف الخاص بنزع الملكية المنصوص عليه في المادة 3 من هذا المرسوم الى كل والي مختص إقليميا يتولى تنفيذ جميع إجراءات نزع الملكية المذكورة أعلاه".
*المستفيد من إجراء نزع الملكية:
بالرجوع إلى القانون القديم المتمثل في الأمر 76-48 وفي المادة الأولى منه فانه: " يمكن اللجوء إلى نزع الملكية لفائدة الأشخاص الاعتبارية و الهيئات المختلفة التي يكون هدفها هو تحقيق المنفعة العامة ، أما المادة الثانية من نفس الأمر فإنها نصت على أن المؤسسات الاقتصادية قابلة للاستفادة من نزع الملكية.
وهنا جعل المشرع الهيئات هي التي مجال نزع الملكية عكس قانون 91-11 الذي يجعل العمليات هي التي تحدد هذا المجال ، هذه العمليات تتمثل في التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط والتي تتعلق بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت واعمال كبرى ذات منفعة عامة وبذلك لم يذكر هذا القانون الجديد المؤسسات الاقتصادية ولم يسمح لها القيام بنزع الملكية إلا عندما يكون هدفها هو تحقيق عملية من العمليات المنصوص عليها في القانون ، كما أن القانون الحالي لم يمنع المقاولة الخاصة من الاستفادة من إجراء نزع الملكية إذا كانت مكلفة بتسيير منشآت عمومية أو عملية عمرانية كما هي محددة في القانون، ولا يمكننا أن نقول أن هذه العمليات المنصوص عليها في ق 91-11 المتعلق والمحدد لقواعد نزع الملكية أتت على سبيل الحصر فالمشرع الجزائري لم يحصرها بل جعل هذه العمليات أمثلة عن عمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية.
المطلب الثالث: إجراءات نزع الملكية
الفرع الأول: الإجراءات العادية للتصريح بالمنفعة العامة
تباشر الإدارة هذه الإجراءات بناء على ملف يعده المستفيد (الإدارة المعنية ) من هذا الإجراء يشمل هذا الملف حسب المادة 2 من المرسوم التنفيذي 63-186 ما يأتي:
* تقرير يسوغ اللجوء إلى إجراء نزع الملكية ويبرز النتائج السلبية التي تمخضت عنها محاولات الاقتناء بالتراضي.
* تصريحا يوضح الهدف من العملية وينبغي أن يهدف هذا التصريح إلى أداة التعمير أو التهيئة العمرانية أو التخطيط المرتبط بذلك.
* مخططا للوضعية يحدد طبيعة الأشغال ومدى أهميتها وموقعها .
*تقريرا بيانيا للعملية وإطار التمويل
والإجراءات العادية لنزع الملكية حسب قانون 91-11 في مادته الثالثة تمثل في خمسة مراحل :
* التصريح بالمنفعة العمومية
* تحديد كامل الأملاك والحقوق العينية المزعم نزعها (الجزئي)
* تقسيم الأملاك والحقوق العينية المعنية بنزع الملكية
* قرار إداري بقابلية التنازل عن الأملاك المعنية
* قرار إداري بنزع الملكية
كما يجب أن تتوفر الاعتمادات اللازمة للتعويض القبلي المنصف والعادل للأملاك والحقوق العينية المطلوب نزعها .
أولا-التصريح بالمنفعة العمومية:
يهدف هذا التصريح إلى هدفين أساسين ، فمن جهة تحديد الغاية من العملية التي تريد الإدارة القيام بها ، ومن جهة أخرى إتاحة الفرصة للأفراد المعنيين إبداء آراءهم حول المشروع.
أن التصريح بالمنفعة العامة لا يمكن النطق به إلا عند إجراء التحقيق المسبق بدقة وهذا ما نصت عليه المادة 4 من قانون 91-11 إلا فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني فانه يمكن الاعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء التحقيق المسبق وهذا ما تنص عليه المادة 12 من نفس القانون.
إن الإجراءات التي تسبق التصريح بالمنفعة العمومية قد حددها المرسوم التنفيذي رقم 93-186 في 27 جويلية 1993 هذه المراحل السابقة بالمنفعة العمومية والتي تتمثل في :
قرار فتح التحقيق حول المنفعة العمومية
التقرير حول المنفعة العمومية
قرار التصريح بالمنفعة العمومية
وسنحاول تفصيل هذه العناصر فيما يلي :
1- محتوى التحقيق حول المنفعة العمومية:
هدف التحقيق هو تمكين المواطنين من معرفة طبيعة ومحتوى المشروع المزعم القيام به، ويتم فتح التحقيق بقرار يسمى قرار التحقيق يصدر عن السلطة الإدارية المختصة، فإما أن يكون بقرار من الوالي أو بقرار وزاري مشترك يحتوي هذا القرار على ما يلي :
* تعيين لجنة التحقيق
* ضبط كيفيات التحقيق المسبق
وقبل مباشرة الإجراءات من طرف الإدارة ، فان على المستفيد من نزع الملكية يعد ملفا طبقا للمادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 93-186وهذا الملف يشمل البيانات التالية :
* تقرير يبرر ضرورة اللجوء إلى إجراء نزع الملكية ويبين النتائج التي تمخضت عن المحاولات الودية والاقتناء بالتراضي .
* تصريحا يوضح الهدف من العملية ويجب أن يهدف هذا التصريح إلى أداء التعمير أو التهيئة العمرانية أو التخطيط المرتبط بذلك.
ان هذا التصريح يبين الغاية والمقصود من إجراء العملية أي التحقيق والتيقن من فاعلية المنفعة العمومية قبل اللجوء إلى الإجراءات اللاحقة .
* مخطط للوضعية يحدد طبيعة الأشغال ومدى أهميتها وموقعها
* تقييم مالي للعملية ونطاق التمويل المخصص لها ، ولهذا لا يمكن اللجوء إلى نزع الملكية عندما تكون الاعتمادات المالية غير كافية لتمويل العملية، ويتبين هذا النقص أو عدم الكفاية عند إيداع مبلغ التعويض المسبق لدى الخزينة العمومية، لأن هذا التعويض يكون دائما مسبق.
إن الملف لابد أن يشمل كل هذه البيانات ، وعند إعداد هذا الملف من طرف المستفيد من نزع الملكية يوضع للدراسة تحت مسئولية الوالي الذي يتمتع بسلطة واسعة لقبول أو رفض طلب نزع الملكية ، والذي يمكنه أن يطلب جميع المعلومات أو الوثائق التي يراها مفيدة ونافعة لدراسة الملف.
غير أنه إذا توافرت تلك الشروط في الملف يقوم الوالي بتعيين لجنة تحقيق.
أ- تعيين لجنة تحقيق:
تعين لجنة التحقيق بموجب قرار فتح التحقيق المسبق ، وتتكون هذه اللجنة من ثلاثة أشخاص يعينون من بين الموجودين في قائمة وطنية تعد سنويا حسب كيفيات معينة.
ويشترط في هؤلاء المحققين أن لا يكونوا منتمين إلى الجهة الإدارية التي تقوم بنزع الملكية ، وأن لا تكون لهم علاقة تنطوي على مصلحة مع المنزوع ملكيتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن تعيين لجنة التحقيق إجباري وعدم القيام بهذا التعيين قد يؤدي إلى إبطال الإجراءات اللاحقة كما يمكن للقاضي الدفع بهذه المخالفة عند منازعته لقرار التصريح بالمنفعة العمومية.
ب- ضبط كيفيات التحقيق المسبق:
ويقصد بالتحقيق المسبق حول المنفعة العمومية لأنه يختلف عن التحقيق الجزئي الذي مجاله هو تحديد قائمة الأملاك المعنية.
وتحقيق المسبق حول المنفعة و العمومية بفتح بقرار من الوالي ، حيث يحدد المكان الذي يجري فيه التحقيق تبعا لأهمية العملية وكيفيات عمل اللجنة ويخضع قرار فتح التحقيق الصادر عن الوالي إلى مجموعة من القواعد حسب المادة 6 من المرسوم التنفيذي 93/186 :
الإشهار بمركز البلدية التي يوجد فيها المشرع
نشر القرار في يوميتين وطنيتين
كما ينشر في مجموعة من القرارات الإدارية للولاية.
ويبين قرار فتح التحقيق : الهدف من التحقيق ، تاريخ بدا التحقيق وانتهائه وتشكيلة اللجنة التي يتضمن الأسماء والألقاب و الصيغة وهذا حسب المادة 6 من مرسوم 27 جويلية 1993.
*كيفيات عمل اللجنة تشمل أوقات استقبال الجمهور واماكنه ودفاتر تسجيل الشكاوي وطرق استشارة ملف التحقيق ويجب أن يصدر هذا القرار قبل 15 يوما من تاريخ فتح التحقيق.
ثانيا-التقرير حول المنفعة العمومية:
عملا بالمادة 9 من قانون 91-11 تقوم لجنة التحقيق بتقديم تقرير ظرفيا في مهلة 15 يوما من التاريخ المقرر لإنهاء التحقيق حول المنفعة العمومية.هذا التقرير الظرفي تستعرض فيه اللجنة استنتاجاتها حول طابع المنفعة العمومية للعملية المزعم القيام بها وفعاليتها . حيث أن لجنة التحقيق هذه تبين في أي شكل تكمن المنفعة العمومية أو أنها تستظهر انعدام المنفعة العمومية.
ولابد على اللجنة أن تعطي رأيها في مدى فعالية المنفعة العامة ولا يجوز لها ترك القرار للإدارة الانفرادية ، وتبلغ نسخة من خلاصة اللجنة إلى الأشخاص المعنيين بناء على مطالبهم وإذا كان لابد على اللجنة أن تعطي رأيها في مدى فعالية المنفعة العامة فان الرأي الذي تبديه اللجنة غير ملزم ، بمعنى أن الإدارة غير ملزمة في هذه الحالة فهل يمكن لها أن تتفرد في تقدير هذه المنفعة؟ وهل بإمكان القاضي التدخل في هذه الحالة؟
إن القاضي عليه بإعادة النظر في المنفعة العمومية كما هو معمول به في فرنسا لأنه إذا كان القضاء الجزائري استقر على عدم تدخله في مراقبة المنفعة العمومية فان الإجراءات المتبعة والتحقيقات ما هي إلا شكليات بالإمكان تجاوزها ، ولا تأثير لها على حسن استعمال السلطة العامة.
ثالثا- قرار التصريح بالمنفعة العمومية:
يجب أن تتوفر في قرار التصريح بالمنفعة العمومية شروط :
يجب أن يصدر القرار عن سلطة مختصة
يجب أن يحترم القرار القواعد الشكلية
وسنحاول تفصيل هاذين العنصرين:
1_السلطة المختصة في إصدار القانون:
بالرجوع إلى المادة 10 من المرسوم التنفيذي 93-186 الصادر في 27 يوليو 1993 نجد أن السلطة المختصة في إصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية تكون حسب حالتين:
*إذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها تقع على إقليم ولايتين أو عدة ولايات فان قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدر في شكل قرار وزاري مشترك أو قرارات مشتركة بين الوزير المعني بالعملية وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير المالية.
*وإذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية المراد نزع ملكيتها تقع على إقليم ولاية واحدة فان لتصريح بالمنفعة العمومية يصدر بقرار من الوالي .
2_ القواعد الشكلية واجبة الاتباع:
لابد من توافر الشروط التي جاءت بها المادة 11 من قانون 91-11 وتقابلها المادة 11 من المرسوم التنفيذي 93-186 وتتلخص هذه الشروط فيما يلي:
*يجب أن يكون قرار التصريح بالمنفعة العمومية منشورا حسب الحالة في الجريدة الجزائرية الديمقراطية الشعبية بالنسبة للقرارات الوزارية المشتركة أو أن ينشر في مدونة القرارات الإدارية للولاية.
*يجب أن يبلغ إلى كل واحد من الأشخاص المعنيين
*يجب أن يعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المطلوب نزع ملكيته.
وهذا الشرط الأخير المتمثل في إشهار القرار في مركز البلدية لا نجد في العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني حيث أوردت المادة 12 من قانون 91-11 هذا الاستثناء أنه :
" يمكن الإعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء تحقيق مسبق فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني ، وذلك حسب كيفيات تحدد بطرق تنظيمية ، ولا يخضع القرار في هذه للنشر شريطة أن يبلغ لكل من يحتمل نزع ملكيته"
فالعمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني لا يخضع القرار للإشهار والنشر هذا من جهة ومن جهة أخرى يبين القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطلان ما يلي : ( )
*أهداف نزع الملكية وتحديد المشروع المزعم تنفيذه
*مساحة العقارات وموقعها ومواصفاتها
*مشتملات الأشغال المزعم القيام بها
*تقدير النفقات التي تغطي عملية نزع الملكية
ولابد أن يبين القرار الأجل الأقصى لإنجاز عملية نزع الملكية مع العلم أنه لا يمكن أنم يتجاوز هذا الأجل أربع سنوات ، يمكن تمديده مرة واحدة بنفس المدة إذا تعلق الأمر بأشغال كبرى ذات الطابع الوطني أو ذات المنفعة الوطنية.
الفرع الثاني : تحديد قائمة الأملاك والحقوق العينية
تحديد الأملاك والحقوق العينية القابلة لنزع الملكية يتم عن طريق:
*التحقيق الجزئي
*التحقيق لقطع الأراضي والحقوق العينية والذي ينتهي إلى: إعداد مخطط قطع الأراضي
أولا-التحقيق الجزئي:
طبقا للمادة 13 من المرسوم التنفيذي 93-186 فان التحقيق الجزئي يهدف إلى تحديد محتوى الممتلكات والحقوق العقارية المذكورة تحديدا دقيقا ، وكذلك توضيح هوية المالكين وأصحاب الحقوق المراد نزع ملكيتهم والتحقق منهم سواء عن طريق معاينة حقوق الملكية في العقارات المعنية عند عدم وجود تلك المستندات.
وبصورة عامة يقصد من هذا التحقيق هدفين أساسيين :
*إعطاء الملاك فرصة لإبداء ملاحظاتهم حول المشروع
*الحصول على المعلومات الضرورية لتحديد قائمة الملاك واصحاب الحقوق التي تسمح بإعداد قرار قابلية التنازل .
وفي مهلة 15 يوما ابتداء من تاريخ إصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية يقوم الوالي بإصدار قرار تعيين محافظ محقق من بين المساحين والخبراء العقاريين المعتمدين لدى المحاكم وهذا قصد إنجاز التحقيق الجزئي ن وقرار التعيين لا بد أن يتضمن : ( )
*اسم المحافظ ولقبه وصفته
*المقر والأماكن والأيام والأوقات التي يمكن أن تتلقى فيها التصريحات والمعلومات والمنازعات المتعلقة بالحقوق ذات الصلة بالعقارات المراد نزع ملكيتها
*تاريخ بدء التحقيق الجزئي وانتهائه
*يجب أن ينشر القرار في الجريدة الرسمية ويبلغ لكل أصحاب الحقوق المعنيين ، ويعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المراد نزعه.
ثانيا_إعداد المخطط:
بعد القيام بالتحقيق الجزئي يتم إعداد مخطط لقطع الأراضي المعنية وقائمة الملاك وأصحاب الحقوق وهنا يقوم المحافظ المحقق بما يلي:
*فحص مستندات الملكية لتحديد هوية الأشخاص المعنيين
*معاينة حقوق الملكية في حالة انعدام المستندات القانونية للملكية .
*الاطلاع على كافة الوثائق الإدارية الضرورية والاستماع لكل ذي مصلحة .
يطلب من المحافظ العقاري التصديق على المستندات المقدمة لاثبات الملكية ومدى قبولها وقوتها القانونية.
بعد عملية التحقيق يعد المحافظ محضرا مؤقتا يتضمن النتائج الأولية الخاصة بمختلف الأملاك والحقوق وينشر لمدة 15يوما بمقر البلدية التي فيها الأملاك.
*بعد انقضاء 15 يوما من تاريخ الإشهار ينتقل المحافظ المحقق من جديد إلى عين المكان إذا ما صدرت منازعات أو مطالبات أو اعتراضات ، ويقوم بتحرير محضرا نهائيا يقيد فيه استنتاجاته النهائية حيث يبين قائمة العقارات المحقق فيها مبينا بالنسبة لكل عقار هوية مالكه أو مالكيه المحددة أو هوية المالك الغير محددة.
*ويقدم المحافظ المحقق إلى الوالي المختص إقليم في حدود الأجل الذي يحدده الوالي نفسه ، ملف التحقيق المتضمن ما يلي :
*المخطط الجزئي.
*المحضر النهائي وجميع الوثائق المستلمة أو المعدة أثناء التحقيق.
*قائمة العقارات.
ثالثا_تقسيم العقارات والحقوق :
تتمكن الإدارة من تحديد مبلغ التعويض الذي سيعرض على كل مالك يخول القانون للإدارة الأملاك الوطنية صلاحيات تقييم الأموال في شكل تقرير يقدم للوالي.
وطبقا للمادة 31 من المرسوم 93-186 يرسل الوالي إلى مصالح إدارة الأملاك الوطنية ملفا يتكون من:
*القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية .
*المخطط الجزئي المصحوب بقائمة المالكين أو أصحاب الحقوق العينية.
وتطبيقا للمادة 21 من قانون 91-11 المؤرخ في 27 افريل 1991 والمادة 32 من المرسوم التنفيذي 93-186 يجب أن يكون مبلغ التعويض عن نزع الملكية عادلا ومنصفا بحيث يغطي كل ما لحق من ضرر وما فاته من كسب بسبب إجراء نزع الملكية.
ويحدد هذا المبلغ حسب القيمة الحقيقة للأملاك تبعا لما ينتج ذلك عن تقييم طبيعتها أو مشتملاتها أو على استعمالها الفعلي من قبل مالكيها وأصحاب الحقوق العينية الآخرين أو من قبل التجار و الصناع والحرفيين.
تقدر هذه القيمة الحقيقية في اليوم الذي تقوم فيه مصلحة الأملاك الوطنية بالتقييم غير انه لا تدخل في الحسبان التحسينات من أي نوع ولا أية معاملة تجارية تمت أو أبرمت قصد الحصول على تعويض ارفع ثمنا.
وجاء في نفس القانون في المادة 22 :" إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزءا من العقار يمكن للمالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعجل"
ويجب في كل الحالات أن يغطي التعويض نقصان القيمة الذي يلحق الأملاك والحقوق غير المنزوعة من جراء نزع الملكية.
الفرع الثالث: الإجراءات الغير العادية
قد يتم القيام بنزع الملكية دون أن تراعى كل الإجراءات التي سبق لنا ذكرها وذلك وقوفا عند طبيعة الأشغال كالأشغال السرية أو عند ظروف معينة ، كالحالة الاستعجالية يكون قد نص عليها قانون خاص أو في ظروف طارئة يقدرها القضاء إذا رفعت دعوى أمامه.
من جهة أخرى سنتطرق إلى الإجراءات الخاصة كطلب نزع الملكية التام وسوف نخصص لها مطلب خاص .
أولا_الإجراءات الهادفة للإسراع بالعملية :
يجب التمييز بين الإجراءات الاستعجالية والإجراءات الاستعجالية للضرورة القصوى.
وقد تنص أمر 76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 المتعلق بنزع الملكية . قد نص على حالة الضرورة القصوى في مادته 49 حيث انه في حالة الضرورة القصوى تقتضي تنفيذ أشغال خاصة بالدفاع الوطني يمكن وضع اليد على الأموال قبل القيام بالإجراءات المنصوص عليها في الأمر.
غير أنه في القانون الحالي 91-11 لتم يتطرق إلى الضرورة القصوى في الحالة الاستعجالية فخلت مواده من مثل هذه الحالات ، بينما إذا تفحصنا القانون رقم 85-07 المؤرخ في 06 أوت 1985 المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها بالتوزيع العمومي الغاز نجد أن هذا القانون تطرق إلي الضرورة القصوى والحالة الاستعجالية حيث تنص المادة 26 منه على أنه:
" يمكن اللجوء استثنائيا إلى الإجراء الاستعجالي في حالة الضرورة القصوى التي يقتضيها الإنجاز العاجل للمنشآت ...، تحدد كيفيات تطبيق الإجراء الاستعجالي عن طريق القانون".
غير أننا نجد في القانون الحالي 91-11 أحكاما تقترن من الإجراءات الاستعجالية تتطلب ترخيصا من الجهة القضائية المختصة ( )، لوضع اليد على الأموال قبل تسديد مبلغ التعويض.
ا-الإجراءات الاستعجالية :
من خلال المادة 26ف 1 سابقة الذكر من القانون 85-07 المؤرخ في 06 أوت 1985 المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية والتوزيع العمومي للغاز والتي تسمح باللجوء استثنائيا للإجراءات الاستعجالية عندما تقتضي الضرورة القصوى للإنجاز العاجل للمنشآت نجد أن هذا الإجراء هو إجراء استثنائي يتطلب توفر شرط جوهري يتمثل في ضرورة الإسراع في إنجاز منشآت استراتيجية.
وبهذا الإجراء يمكن القول أن السلطة الإدارية المختصة تتمتع بسلطة تقديرية ولكن هذه السلطة لا تمنع القاضي من يتحقق من الوقائع وتكييفها كما لا يكون هذا الإجراء مقبولا ألا إذا تم الترخيص بالمنفعة العامة.
*-الترخيص القضائي لوضع اليد على الأملاك:
عملا بالمادة 28 من قانون 91/11 المؤرخ في 27 افريل 1991 المتعلق بقواعد نزع الملكية فإنها تنص على أنه يمكن :" للسلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستلام الأموال . ويصدر القرار القضائي حينئذ حسب إجراء الاستعجال ، ينشر القرار القضائي الخاص باستلام الأموال بالسجل العقاري دون المساس بالموضوع"
عند تفحصنا لهذه المادة نجد أنها تعطي فرصة للقاضي للنظر والتحقيق في قيمة التعويض وعليه فإنها تمس بحق الملكية الذي هو مقدس ومخالفة لروح الدساتير.
وبالتالي لو رفع المنزوع أمره للقاضي فبإمكانه أن يرفض الترخيص بوضع اليد من طرف الإدارة المختصة وذلك بشأن تحديد مبلغ التعويض.
ب-الإجراءات الخاصة :
تعني بالإجراءات الخاصة هنا تلك الحوادث الفرعية التي قد تظهر خلال الإجراءات العارضة مثل طلب نزع الملكية التام وطلب استرجاع الأملاك،كما قد تظهر في الإجراءات المتخصصة مثل العمليات ذات الطابع السري.
*-الإجراءات العارضة:
تهدف هذه الإجراءات إلى إعادة حقوق الملاك مثل طلب نزع الملكية التام وطلب استرجاع الأملاك.
وتخضع هذه الإجراءات لقواعد عامة عددها القانون الا أن دور القاضي مهما جدا بسبب غياب الإجراءات التفصيلية.
*-طلب نزع الملكية التام:
كما ورد في المادة 22 من قانون 27 أفريل 1991 فانه :" إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزءا من العقار ، يمكن المالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعمل ويجب في كل الحالات أن يغطي التعويض نقصان القيمة الذي يلحق الأملاك والحقوق غير المنزوعة من جراء نزع الملكية"
تتضمن هذه المادة فقرتين فأما بالنسبة للأولى فتتعلق بالنزع التام للملكية.
وأما الفقرة الثانية فتتعلق بتعويض النقصان في قيمة الأملاك المنجرة عن نزع الملكية ، وعليه يمكن للمالك المعني أن يختار بين أمرين، بين طلب نزع الملكية التام أو بالتعويض عن نقصان القيمة وللقاضي السلطة التقديرية في تقرير ذلك لكنه يواجه صعوبات في مدى قابلية استعمال الأملاك الباقية.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمر76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 قد نص في المادة 23 على حالتين :
-إذا كان نزع الملكية لا يتناول إلا جزءا من عقار مبني وكان الجزء الباقي غير قابل الانتفاع به في أوضاع عادية على الإطلاق ، جاز لمن نزع ملكيته أن يطلب نزع ملكية التام ، وذلك خلال 15 يوما من تبليغ قرار التصريح بالمنفعة العمومية.
-ويمكن أيضا طلب نزع الملكية التام بالنسبة لكامل القطعة الأرضية العارية التي تنقص على اثر التجزئة إلى ريع مساحتها الكاملة ، فيما إذا كان المالك لا يملك أي قطعة أرض ملاصقة لها وإذا كانت القطعة المنقصة على هذا الشكل أقل من 10 آرات أما قانون 91-11 الجديد فانه لم يحدد لا أجل الطلب ولا الجهة التي يوجه اليها الطلب وعلى هذا يواجه القاضي صعوبات كبيرة في مهمته.
ج-حق استرجاع الأملاك أو إعادة البيع:
جاء في المادة 32 من قانون 27 أفريل 1991 ما يلي :" اذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزعم إنجازها في الآجال المحددة في العقد أو القرارات التي ترفض بالعمليات المعنية يمكن أن نسترجع ملكية العقار بناءا على طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق".
تشير هذه المادة أنه إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال في الآجال المحددة للعقد بناءا على طلب المنزوع ملكيته أو من له حق في ذلك يصرح القاضي وجوبا على إرجاع الأملاك لأصحابها.
وعلى المالك أولا قبل لجوءه إلى القضاء أن يقدم الطلب إلى الإدارة النازعة للملكية من أجل استصدار القرار الإداري المسبق(التضلم) أما المقابل المالي للاسترجاع فيتم تقديمه بالطريقة مثل تلك التي استخدمت في عملية نزع الملكية أما إذا تصرفت الإدارة ببيع الملك إلى شخص آخر فيمكن للمالك الأصلي المنزوع ملكيته أن يطلب التعويض المادي والمعنوي.
*-الإجراءات المتخصة:
جاء في المادة 12 من قانون 91-11 المؤرخ في 27 أفريل 1991 ما يلي :" يمكن الإعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء تحقيق مسبق ، فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني وذلك حسب كيفيات تحدد بطرق تنظيمية ، ولا يخضع القرار في هذه الحالة للنشر شريطة أن يبلغ لكل من يحتمل نزع ملكيته"
نستشف من هذه المادة التي تستثني العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني وذلك حسب رأينا للمصلحة العليا للبلاد التي تدخل في سيادتها وبذلك يكون على وزارة الدفاع إثبات الطابع السري للعملية ، فهذه العمليات يستثنى منها التصريح بالمنفعة العمومية والتحقيق المسبق.
غير أن القانون لم يحدد السلطة المختصة بالإعلان عن المنفعة العمومية ، هل هي من اختصاص الوالي أو وزير الدفاع الوطني .
وقد مر بنا القول أن القانون الحالي 91-11 لم يذكر الضرورة القصوى في الأشغال المتعلقة بالدفاع الوطني عكس قانون 76-48 في مادته 49.
ج-تأثير الظروف الطارئة على إجراءات نزع الملكية :
ففي حالة تجاهل الإدارة بالشروط والإجراءات الجوهرية التي يتطلبها نزع الملكية فيبطل القرار الخاص بنزع الملكية إلا أنه قد تحدث ظروف طارئة التي على الادارة قد تثبتها حتى تحقق من مسؤولياتها وليس إعفاؤها لأنم الاستيلام غير شرعي ولا يمكن للادارة التعذر به لنزع الأملاك لخرق الإجراءات وعلى هذا الأساس يمكن للمالك المعني ان يطلب تعويض عن الأضرار الناجمة عن الاستيلاء غير الشرعي بالإضافة إلى تعويضه المادي.
المبحث الثاني : نظام التعويضات
تنص كل الدساتير الجزائرية على تعويض المنزوع ملكيته وذلك حماية للملكية الفردية التي هي حق طبيعي للفرد وعليه يجب توفر مبلغ التعويض المقترح لدى الخزينة العمومية.وللقاضي التدخل لتحديد مبلغ التعويض قبل استيلاء الإدارة على الأموال كما يحدد القانون طرق تقييم المال وذلك بالنظر إلى المصلحة الخاصة والمصلحة العامة حتى يكون التعويض منصف وعادلا ولا يؤثر بلا سبب على حساب المجتمع.
المطلب الأول: الإجراءات
الفرع الأول: منازعات قرار التصريح بالمنفعة العامة
نعني بمنازعات قرار التصريح بالمنفعة العمومية هنا الجهة التي يمكن رفع دعوى الإلغاء أمامها والآثار المترتبة عن الإلغاء .
إن رفع دعوى الإلغاء ضد قرار التصريح بالمنفعة العمومية يكون أمام الجهة القضائية التي تقوم بالفصل في المواد الإدارية.
أما بالنسبة للقرار الصادر عن الوالي يكون من اختصاص المجالس القضائية المختصة إقليميا وهي خمسة مجالس : مجلس الجزائر ، قسنطينة ، وهران، بشار، ورقلة .
أما بالنسبة للقرار الصادر عن الوزير فيكون من اختصاص المحكمة العليا بالطعن في قرار التصريح بالمنفعة العمومية يكون بيد المحكمة المختصة وهذا حسب الأشكال التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية ، هذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون 91-11.
أما الفقرة الثانية من نفس المادة فتجعل مهلة رفع الدعوى في شهر واحد ابتداء من تاريخ تبلغ القرار أو نشره غير أننا اذا رجعنا إلى قانون الإجراءات المدنية فنجد أن مواعيد رفع الدعوى أمام المجالس هي أربعة أشهر وأما أمام المحكمة العليا فهي شهرين.
والمشرع بهذه المادة 13 خالف قانون الإجراءات المدنية إذا جعل ميعاد الطعن هو شهر واحد ابتداءا من تاريخ تبليغ القرار ونشره هذا من جهة ومن جهة أخرى فانه إذا كان لابد من وجود التظلم الإداري المسبق ضروري أمام المحكمة العليا فان المشرع قد استبعده ، اذ لم يتطرق اليه في المادة 13 من قانون 91-11 رغم أن المادة 275 من قانون الإجراءات.
أما في الفقرة الثالثة من المادة 13 فقد نصت على أنه :" وفي هذه الحالة يوقف تنفيذ القرار المصرح بالمنفعة العمومية"، حيث ان دعوى الإلغاء تؤدي إلى توقيف الإجراءات الإدارية حتى الفصل في النزاع من قبل الجهة القضائية المختصة اذ يوقف تنفيذ قرار التصريح بالمنفعة العمومية.
ان الحكم الصادر عن المجلس هو ابتدائيا قابل للاستئناف أمام المحكمة العليا أي انه ابتدائي ونهائي وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون 91-11 نجد أنها تعطي للقاضي مهلة شهر واحد لإصداره.
أما في الفقرة الثالثة من نفس المادة فتجعل للجهة القضائية المختصة بالفصل عن طريق الاستئناف مهلة شهرين ابتداءا من تاريخ الطعن بالاستئناف ، أي رفع دعوى الاستئناف كي تصدر حكمها ، وهذا ربحا للوقت.
هذا الحكم القضائي النهائي يكون غير قابل لاعتراض الشخص الذي هو طرف في النزاع ولا يكون قابلا لاعتراض الغير الذي ليس طرفا في الخصام حيث تنص المادة 15 من قانون 11/91 على أنه :" يعتبر الحكم القضائي النهائي حضوريا بالنسبة لكل شخص سواء كان طرفا في الخصام أم لا"
وتأسيس دعوى الإلغاء تكون حسب الأحوال:
أما لعدم الاختصاص أو عيب الشكل ومخالفة القانون أو الانحراف في استعمال السلطة.
فأما عدم الاختصاص فيطهر عندما تعتدي سلطة إدارية على صلاحيات وامتيازات سلطة إدارية أخرى كأن يصدر قرار التصريح بالمنفعة العمومية عن الوالي وهو في حقيقة الأمر يقتضي هذا القرار قرار وزاريا مشترك و أما عيب الشكل فيثور في حالة إهمال السلطة الإدارية لإجراء جوهري لابد عليها القيام به كان تمتنع عن تعيين لجنة التحقيق أو تعين شخصين اثنين بدلا من ثلاثة أشخاص المنصوص عليها في لمادة 5 من قانون 91-11 .
أما الانحراف في استعمال السلطة فيظهر مثلا عن ما يتم التصريح بأغراض امتلاكية خاصة يكون الهدف من ورائها المصلحة الخاصة وليس المنفعة العمومية ، فيكون التصريح بالمنفعة العمومية ولكن في حقيقة الأمر لا وجود للمنفعة العمومية ، وانما كان الغرض هو تحقيق منفعة خاصة للإدارة القائمة لنزع الملكية أو غيرها.
وأما عن مخالفة القانون فتظهر مثلا عندما لا تقوم الإدارة بالإشهار عندما يكون الإشهار إجباريا .هذا فيما يخص الجهات القضائية التي ترفع أمامها دعوى الإلغاء وتأسيس هذه الدعوى .
أما فيما يخص الآثار المترتبة عن الإلغاء فان كافة القرارات الإدارية اللاحقة تصبح غير شرعية ماعدا التحقيق ما لم تتغير الظروف وتصبح نقل الملكية ووضع اليد عليها غير ممكنا.
إن الإجراءات سابقة الذكر الخاصة بالصريح بالمنفعة العمومية هدفها هو محاولة إيجاد توازن بين المصلحة العمومية والحقوق الفردية المجسدة في ضمان حق الملكية.
وبعد القيام بالتصريح بالمنفعة العمومية وتتم جميع الأشكال سالفة الذكر تنتقل الى تحديد الأملاك والحقوق العقارية المطلوب نزع ملكيتها .
الفرع الثاني: التصريح بقابلية التنازل عن الأملاك
يحرر القرار الداري الخاص بقابلية التنازل عن الأملاك والحقوق المطلوب نزع ملكيتها بناء على تقرير التعويض الذي تعده مصالح إدارة الأملاك الوطنية.
ويشمل القرار الإداري الخاص بقابلية التنازل عن قائمة العقارات والحقوق العينية الأخرى المزعم نزع ملكيتها ، ويبين في كل حالة تحت طائلة البطلان لهوية المالك أو صاحب حق الملكية. كما يعين العقارات اعتمادا على التصميم الجزئي مع بيان التعويض المرتبط بذلك وقاعدة حسابه.
يبلغ القرار الإداري الخاص بقابلية التنازل إلى كل واحد من الملاك أو ذوي الحقوق العينية أو المنتفعين ، ويرفق إذا أمكن باقتراح تعويض عيني يحل محل التعويض النقدي المنصوص عليه .
*يرفع الطرف المطالب الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة في غضون شهر من تاريخ التبليغ إلا إذا حصل اتفاق بالتراضي ويودع مبلغ التعويض الممنوح للمعني لدى الهيئة المختصة في الوقت نفسه الذي يتم فيه التبليغ المحدد في المادة 25 من هذا القانون.
للسلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستيلام الأموال ، ويصدر القرار القضائي حينئذ حسب إجراء الاستعجال وينشر القرار القضائي الخاص باستلام الأموال بالسجل دون المساس بالموضوع.
الفرع الثالث: القرار الإداري الخاص بنقل الملكية
يحرر قرار إداري لاتمام صيغة نقل الملكية في الحالات التالية :
*اذا حصل اتفاق بالتراضي
*اذا لم يقدم أي طعن خلال مدة شهر من تاريخ التبليغ.
*اذا صدر قرار قضائي نهائي لصالح نزع الملكية.
ثم يبلغ القرار الإداري الخاص بنزع الملكية الى المنزوع منه الى المستفيد ويخضع للشكليات القانونية المطلوبة في مجال التحويل العقاري و عندئذ يلزم المعنيون بإخلاء الأماكن.
ان المشرع حدد ثلاثة حالات تمكن السلطة الإدارية من إصدار قرار نقل الملكية الذي يسمح للمستفيد من هذا الإجراء وضع اليد على الأملاك.
وتجدر الإشارة الى أن نقل الملكية في القانون الفرنسي لا تتم الا عن طريق أمر قضائي ، أما القانون الجزائري يعتمد على إجراءات إدارية فقط .
الحالة الأولى :
إن حصل اتفاق بالتراضي والتساؤل هنا هو هل ضروري أن يصدر قرار إداري لاتمام نقل الملكية لن الاتفاق قد يكفي إذا تم الإشهار عليه.
الحالة الثانية :
إذا قبل المالك مبلغ التعويض أو امتنع عن الدعوى القضائية يصبح عند انتهاء المهلة القانونية المحددة بشهر واحد اتفاق ضمني بين الطرفين.
الحالة الثالثة :
إذا صدر قرار نهائي سواء من المجلس القضائي او من المحكمة العليا.
ن قرار نزع الملكية يخضع إلى إجراءات التبليغ لكلا الطرفين المالك والمستفيد من نزع الملكية كما يخضع إلى الإشهار العقاري.
ويترتب على قرار نزع الملكية آثارا من بينها حق الإدارة في جبر المالكين على إخلاء الأماكن المراد نزعها ، وهنا نجد أن القانون لم يعطي مهلة لاخلاء الأماكن بل تركها مفتوحة الأمر الذي يؤدي بالإدارة الى تصرفات يصعب الحد منها.
منقول للفائدة
المطلب الأول : شروط نزع الملكية العقارية
تقتضي عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ضرورة احترام الشروط واتباع الإجراءات وفق القانون 91-11 المتعلق بنزع الملكية من أجل الملكية العقارية ويمكن تصنيفها إلى :
الفرع الأول : الشروط الخاصة بطبيعة ونوعية الملكية
بما أن حق الملكية باعتباره أقوى الحقوق العينية الأصلية يجمع كل الحقوق المتفرعة عن في يد مالك واحد غير أنه يحدث أن تقتطع لحساب شخص آخر بعض السلطات وعندئذ يكون لهذه الأخيرة حق الاستعمال وحق استغلال الملك والانتفاع وسكناه وكذلك حق الارتفاق لعقار مجاور مملوك للغير وذلك وفقا لما حدده القانون..
وبالتالي فان إجراء نزع الملكية الذي تباشر به الإدارة يرد على الملكية العقارية والحقوق العينية الأصلية لها.
وبالتالي تنفيذ الإجراء يكون على الملكية العقارية و ما يتفرع عنها من حقوق عينية أصلية دون المنقولات والحقوق الشخصية.
فان الإجراءات تستهدف منها نزع الملكية كاملة فإنها قد تنصب على حق الاستعمال أو الاستغلال أو الارتفاق وتحدد التحقيقات طبيعة المنفعة العامة المراد تحقيقها ومدى حاجتها للملكية العقارية لتلبية تلك المنفعة العامة.
ومن بين الحقوق العينة العقارية المتفرعة عنها والتي يمكن نزع ملكيتها كلها أو بعضها دون ملكية الرقبة.
* فإذا تقرر نزع حق الانتفاع من أجل المنفعة العامة سواء من صاحب الملكية أو من مالك حق الانتفاع منفردا فانه يتطلب تحديد مدته وعادة ما يكون ذلك مرتبطا ببقاء المنفعة العامة قائمة ما لم يحدد القرار إداريا مدته بما أن هذا الحق يتطلب تعيين مجال استعماله( ).
* حق الارتفاق هو حق يرد على العقار المرتفق به سواء على باطنه أو سطحه أو علوه أو فضائه لفائدة العقار المخدوم.
وبالنسبة للمنفعة العامة فقد يكون ذلك لفائدة إقامة مجاري المياه أو الأشغال العمومية بحق الارتفاق بحرمان ملك العقار من البناء أو التعلية.
* إن حق الانتفاع أو الارتفاق هما الحقان اللذان يصور ملكيتهما لفائدة المنفعة العامة ، أما ما يتعلق بالسكن فواضح أنه لا يحقق منفعة عامة فيتم نزعه منفردا عن ملكيته التامة مثل " حق الاستعمال" والأجدر نزع ملكية حق الانتفاع ، وهذا ما نصت عليه ف1 من المادة 26 من قانون 91/11 على أنه " إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزء من العقار يمكن للمالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعمل"
الفرع الثاني : الشروط الخاصة بالمنفعة العمومية
أوجب القانون على جهة الإدارة التي ترغب في نزع ملكية العقارات أو الحقوق العينية العقارية المملوكة للخواص قبل اللجوء إلى هذه الطريقة الاستثنائية أن تسعى للحصول عليها بالطرق الودية.
هذا من حيث تقييد الإدارة في الأسلوب الواجب اتباعه .
أما بالنسبة للمنفعة العامة بمرونة هذا المصطلح الذي لو ترك للإدارة الحية في تغطية تصرفاتها به لأدى ذلك إلى توغلها وتعسفها في حق ملك الخواص باللجوء لهذه الطريقة إلى تجريدهم من أملاكهم .
ولهذا حدد المشرع الجزائري على سبيل الحصر المجالات التي يمكن فيها للإدارة الاستفادة من تقنية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ولهذا نصت الفقرة 2 من قانون 91/11 على أنه:
" وزيادة على ذلك لا يكون نزع الملكية مكن إلا إذا جاء بتنفيذ العمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية تخص التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط لإنشاء تجهيزات جماعية"
الفرع الثالث: الأدوات التي يلجأ اليها عند الضرورة
فمن خلال نص المادة 2 فقرة 2 من قانون 91/11 السالف الذكر يستخلص أن نزع الملكية للمنفعة العامة لا يمكن أن يلجأ اليها إلا إذا تطلبه:
* تنفيذ العمليات الناتجة عن تطبيق الإجراءات أدوات النظامية في مجال التعمير والتهيئة العمرانية
هنا يجب أن تبرز إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بأن الغرض من الحصول على العقارات أو الحقوق العينية العقارية المعنية ضرورة تنفيذ عمليات تطلبتها الأدوات النظامية المقررة في إطار مخطط التعمير والتهيئة العمرانية لأن هذه الأدوات تشكل بحد ذاتها جزء من هذا المخطط وفي هذا الخصوص نصت م 10 من قانون 92/22 المتعلق بالتهيئة والتعمير بأن :
تشكل أدوات التعمير من المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير ومخططات الشغل وتكون أدوات التهيئة والتعمير وكذلك التنظيمات التي هي جزء لا يتجزأ منها قابل للاحتجاج بها أمام الغير ( )..
* إنشاء التجهيزات الجماعية والمنشآت والأعمال الكبرى ذات المنفعة العامة:
إن التجهيزات الجماعية هي تلك المنشآت تحدث لإشباع أغراض المنفعة العامة فالمدارس
والمستشفيات، ومصالح البريد والمواصلات والمساحات المخصصة للترفيه وغيرها مما تستقبل وتقدم خدماتها للجمهور مباشرة في مرفقها كما تشمل أيضا المنشآت ومجموعة الهياكل التي تقام لتزويد الجمهور بالحاجيات العامة كمنشآت توليد الكهرباء وتوزيعها واستخراج أو جمع المياه وتخزينها وتوزيعها أما المنشآت والأشغال الكبرى فمن أمثلها شق وتوسيع الطرق العمومية وخطوط السكك الحديدية واستخراج واستغلال الثروات ونقلها ... الخ.
المطلب الثاني : مجال تطبيق نزع الملكية
الفرع الأول : الأهداف المرتبطة بنزع الملكية
إن نزع الملكية ليس شرعيا إلا عندما تتطلبها المنفعة العامة وفكرة المنفعة العامة هذه تختلف في القانون القديم أي أمر 25 ماي 1976 فهذا الأمر أعطى تعريفا واسعا للمنفعة العامة حيث تنص المادة الثانية على أنه :" تمكين العقارات أو الحقوق العينية العقارية الضرورية لتأمين احتياطات المصالح العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات الاشتراكية ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي عن طريق نزع الملكية وذلك ضمن الشروط المحددة لهذا الأمر"
فقد مددت المنفعة العمومية لتصل إلى العمليات التي قد تقوم بها المؤسسات العمومية ذات الطابع الاقتصادي فهذه المؤسسات كان لها الحق في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أما قانون 91-11 فقد جعلها تتمثل في:
عمليات التعمير والتهيئة العمرانية
العمليات التي تدخل في إطار التخطيط.
ويكون الهدف من هذه العمليات هو إنجاز تجهيزات جماعية ، منشآت وأعمال كبرى ذات المنفعة العامة وهذا النص م 212 من ق 91/11 التي تنص على أنه :" لا يكون نزع الملكية ممكنا إلا إذا جاء تنفيذ العمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط تتعلق باتساع تجهيزات جماعية ومنشآت واعمال كبرى ذات منفعة عامة".
وبذلك يكون أمر 76-48 قد وسع مفهوم المنفعة العامة وهنا نقول أن القانون وحده هو الذي يحدد فكرة المنعة العامة.
والمشرع الجزائري لتعريف المنفعة العامة في قانون 91-11 قد كان غرضه من وراء أبعاد الإدارة عن استعمال امتيازات السلطة العامة لأهداف اقتصادية ، أن الإدارة مقيدة عندما تقوم بإنجاز المشاريع العامة فلا يمكنها أن تستعمل نزع الملكية من أجل المنفعة الخاصة فلا بد أن يكون هدفها الرئيسي هو تحقيق المنفعة العامة.
وتقدير المنفعة العامة يدخل ضمن السلطة التقديرية للقاضي يراقب مشروعية ، وينظر إلى الملائمة ، والمحكمة العليا قد كانت تمنع عن تحقيق من وجود أو عدم وجود منفعة عامة .
فهي بذلك ترفض التدخل في مراقبة الملكية وبسبب التجاوزات من قبل الإدارة كان لازما على القضاء التدخل لمراقبة من مطابقة عملية الإدارة للأهداف المصرح بها.
الفرع الثاني: الأموال المعنية
إن نزع الملكية لا ينصب إلا على العقارات أي الأملاك العقارية وكذلك ينصب على الحقوق العينية العقارية مثل حق الانتفاع والإرفاق...الخ وهذا بنص الفترة من المادة 2 من قانون 91-11:" طريقة استثنائية لإكساب أملاك أو حقوق عقارية..." ونحاول تفصيل ذلك على حدى .
أولا-العقارات:
لا يرد نزع الملكية على المنقولات وميدانه هو العقارات ، وهذه العقارات لابد أن تكون تابعة للخواص حيث أن الأملاك العامة لا يجوز التصرف فيها بأي شكل من أشكال التصرف وهذا طبقا للمادة 689 من القانون المدني الجزائري.
ونزع الملكية قد يكون على كامل العقار وقد يكون على جزء منه فإذا كان على كامل العقار بما بقي لمدة معينة دون أن تقوم الإدارة باستعماله جاز للمالك أو أصحاب الحقوق طلب استرجاع ملكية العقار وهذا في حالة إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الشغال ضمن المجال المحدد في العقد أو القرارات التي ترخص بالعملية المعنية وهذا ما تنص عليه م 32 من قانون 27 افريل 1991
كما أنه من حق الأفراد المعنيين طلب نزع الملكية التامة عندما تكون العقارات الباقية غير صالحة للاستعمال وهذا في حالة إذا كان نزع الملكية لا يعني الأجزاء من العقار وهذا ما تنص عليه المادة 22/ف1 من قانون 27 أفريل 1991 ويقصد بنزع الملكية ما فوق الأرض كما قد يقصد به باطن الأرض وفي هذه الحالة الأخيرة نصت المادة 31 من المرسوم رقم 94-41 المؤرخ في 29 جانفي 1994 على أنه " إذا رفض مالك الأرض التي تفجرت فيها مياه معدنية اجارها أو تنازلا عنها فإنها يمكن نزع ملكيتها وفقا بأحكام القانون 91-11 بعد إنذار لمدة سنة واحدة من طرف الولي فقط المختص"
فالمشرع الجزائري فيما يتعلق بالعقارات بالتخصيص فانه لم يتطرق لهذا الأمر 76-48 في قانون 91* 11 كما أن نزع الأملاك المعينة و المقامات التاريخية والأثرية لم يتطرق اليها قانون 91-11 وامر 76-48.
وهنا نجد أن قانون 91-11 لم يملأ النقص الذي كان في أمر 76-48 بل أن هذا القانون الجديد يحتوي هو الآخر على نقائص.
ثانيا _الحقوق العقارية:
لقد تطرق قانون 91-11 إلى الحقوق العينية العقارية ولكنه لم يفصلها ولذا كان علينا أن نرجع إلى القانون المدني وتمثل هذه الحقوق في حق الانتفاع، حق الارتفاق- حق الاستعمال والسكن ، حق الامتياز وكذلك حق الرهن الرسمي.
*حق الانتفاع :
هو حق عيني يكتسب بالتعاقد وبالشفعة و بالتقادم أو بمقتضى القانون وعلى المنتفع استعمال العين بحالتها التي تسلمها وجها و لم يلتزم أثناء انتفاعه بكل ما يعرض على العين المنتفع بها من التكاليف المعتادة وبكل النفقات التي تقتضيها أعمال الصيانة ، كما يجب على المنتفع بذل العناية اللازمة للمحافظة على العين محل الانتفاع ، وينتهي هذا الحق بانقضاء الأجل المعين أو بهلاك الشيء أو بعدم الاستعمال مدة 15 سنة (التقادم المسقط) طبقا للمواد 44 إلى 54 من القانون المدني الجزائري.
*حق الاستعمال وحق السكن:
تطرقت إليه المواد من 855 إلى 873 من القانون المدني ونطاق هذا الحق يتحدد بقدر ما يحتاج إليه صاحب الحق فلا يجوز التنازل للغير عن حق الاستعمال وحق السكن إلا بمقتضى شرط صريح أو مبرر قوي ، فنفس القواعد التي تحكم حق الانتفاع وحق السكن تحكم حق الاستعمال والسكن.
*حق الارتفاق:
هو حق يجعل حد لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر لصالح صاحب العقار الثاني ، وينشأ هذا الحق
عن الموقع الطبيعي للأمكنة أو يكتسب بعقد شرعي أو بالميراث فهو لا يكتسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما في ذلك المرور وهذا تطبيقا للمواد من 867 إلى 881 من القانون المدني الجزائري.
*حق الرهن الرسمي:
هو عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار وفاءا لدينه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استفاء حقه من قيمة تلك العين في أيدي كانت وقد تطرقت إلى أموال الرهن الرسمي المواد من 882 إلى 936 من القانون المدني الجزائري.
*حق الامتياز:
لحق الامتياز أولوية يقررها القانون لدين معين بمراعاة منه لصفته ولا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني وترد حقوق الامتياز على جميع أموال المدين من منقول أو عقار أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون محصورة على منقول وعقار معين للمواد 982 إلى 1001 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثالث: الأشخاص المعنيين
أولا-الاختصاص بقرار نزع الملكية:
إن إجراءات نزع الملكية تتم بقرار إداري وبالرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم 93-86 المؤرخ في 27 يوليو لسنة 1993 المحدد كيفيات تطبيق القانون رقم 91-11 المتعلق والمحدد لقواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العامة نجد أن سلطة التصريحية بالمنفعة العامة في نزع الملكية يكون من اختصاص الوزير المعني وزير المالية بموجب قرار وزاري مشترك هذا عندما توجد الأملاك المعنية بالنزع على إقليم ولا يتبين أو تعدى أما إذا كانت الأملاك المعنية داخل تراب ولاية واحدة فتكون من اختصاص الوالي وفي هذه الحالة يكون الوالي ممثلا للدولة.
هذا فيما يخص سلطة التصريحية بالمنفعة العامة أم فيما يخص سلطة إصدار قرار نزع الملكية فيكون من اختصاص الوالي حتى وان كانت الأملاك المراد نزعها تقع على إقليم ولا يتبين أو عدة ولايات وهذا ما نصت عليه المادة 44 من نفس المرسوم حيث انه :" إذا كانت الأشغال مما يجب إنجازه على تراب ولايتين أو عدة ولايات فان المستفيد من نزع الملكية يحول الملف الخاص بنزع الملكية المنصوص عليه في المادة 3 من هذا المرسوم الى كل والي مختص إقليميا يتولى تنفيذ جميع إجراءات نزع الملكية المذكورة أعلاه".
*المستفيد من إجراء نزع الملكية:
بالرجوع إلى القانون القديم المتمثل في الأمر 76-48 وفي المادة الأولى منه فانه: " يمكن اللجوء إلى نزع الملكية لفائدة الأشخاص الاعتبارية و الهيئات المختلفة التي يكون هدفها هو تحقيق المنفعة العامة ، أما المادة الثانية من نفس الأمر فإنها نصت على أن المؤسسات الاقتصادية قابلة للاستفادة من نزع الملكية.
وهنا جعل المشرع الهيئات هي التي مجال نزع الملكية عكس قانون 91-11 الذي يجعل العمليات هي التي تحدد هذا المجال ، هذه العمليات تتمثل في التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط والتي تتعلق بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت واعمال كبرى ذات منفعة عامة وبذلك لم يذكر هذا القانون الجديد المؤسسات الاقتصادية ولم يسمح لها القيام بنزع الملكية إلا عندما يكون هدفها هو تحقيق عملية من العمليات المنصوص عليها في القانون ، كما أن القانون الحالي لم يمنع المقاولة الخاصة من الاستفادة من إجراء نزع الملكية إذا كانت مكلفة بتسيير منشآت عمومية أو عملية عمرانية كما هي محددة في القانون، ولا يمكننا أن نقول أن هذه العمليات المنصوص عليها في ق 91-11 المتعلق والمحدد لقواعد نزع الملكية أتت على سبيل الحصر فالمشرع الجزائري لم يحصرها بل جعل هذه العمليات أمثلة عن عمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية.
المطلب الثالث: إجراءات نزع الملكية
الفرع الأول: الإجراءات العادية للتصريح بالمنفعة العامة
تباشر الإدارة هذه الإجراءات بناء على ملف يعده المستفيد (الإدارة المعنية ) من هذا الإجراء يشمل هذا الملف حسب المادة 2 من المرسوم التنفيذي 63-186 ما يأتي:
* تقرير يسوغ اللجوء إلى إجراء نزع الملكية ويبرز النتائج السلبية التي تمخضت عنها محاولات الاقتناء بالتراضي.
* تصريحا يوضح الهدف من العملية وينبغي أن يهدف هذا التصريح إلى أداة التعمير أو التهيئة العمرانية أو التخطيط المرتبط بذلك.
* مخططا للوضعية يحدد طبيعة الأشغال ومدى أهميتها وموقعها .
*تقريرا بيانيا للعملية وإطار التمويل
والإجراءات العادية لنزع الملكية حسب قانون 91-11 في مادته الثالثة تمثل في خمسة مراحل :
* التصريح بالمنفعة العمومية
* تحديد كامل الأملاك والحقوق العينية المزعم نزعها (الجزئي)
* تقسيم الأملاك والحقوق العينية المعنية بنزع الملكية
* قرار إداري بقابلية التنازل عن الأملاك المعنية
* قرار إداري بنزع الملكية
كما يجب أن تتوفر الاعتمادات اللازمة للتعويض القبلي المنصف والعادل للأملاك والحقوق العينية المطلوب نزعها .
أولا-التصريح بالمنفعة العمومية:
يهدف هذا التصريح إلى هدفين أساسين ، فمن جهة تحديد الغاية من العملية التي تريد الإدارة القيام بها ، ومن جهة أخرى إتاحة الفرصة للأفراد المعنيين إبداء آراءهم حول المشروع.
أن التصريح بالمنفعة العامة لا يمكن النطق به إلا عند إجراء التحقيق المسبق بدقة وهذا ما نصت عليه المادة 4 من قانون 91-11 إلا فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني فانه يمكن الاعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء التحقيق المسبق وهذا ما تنص عليه المادة 12 من نفس القانون.
إن الإجراءات التي تسبق التصريح بالمنفعة العمومية قد حددها المرسوم التنفيذي رقم 93-186 في 27 جويلية 1993 هذه المراحل السابقة بالمنفعة العمومية والتي تتمثل في :
قرار فتح التحقيق حول المنفعة العمومية
التقرير حول المنفعة العمومية
قرار التصريح بالمنفعة العمومية
وسنحاول تفصيل هذه العناصر فيما يلي :
1- محتوى التحقيق حول المنفعة العمومية:
هدف التحقيق هو تمكين المواطنين من معرفة طبيعة ومحتوى المشروع المزعم القيام به، ويتم فتح التحقيق بقرار يسمى قرار التحقيق يصدر عن السلطة الإدارية المختصة، فإما أن يكون بقرار من الوالي أو بقرار وزاري مشترك يحتوي هذا القرار على ما يلي :
* تعيين لجنة التحقيق
* ضبط كيفيات التحقيق المسبق
وقبل مباشرة الإجراءات من طرف الإدارة ، فان على المستفيد من نزع الملكية يعد ملفا طبقا للمادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 93-186وهذا الملف يشمل البيانات التالية :
* تقرير يبرر ضرورة اللجوء إلى إجراء نزع الملكية ويبين النتائج التي تمخضت عن المحاولات الودية والاقتناء بالتراضي .
* تصريحا يوضح الهدف من العملية ويجب أن يهدف هذا التصريح إلى أداء التعمير أو التهيئة العمرانية أو التخطيط المرتبط بذلك.
ان هذا التصريح يبين الغاية والمقصود من إجراء العملية أي التحقيق والتيقن من فاعلية المنفعة العمومية قبل اللجوء إلى الإجراءات اللاحقة .
* مخطط للوضعية يحدد طبيعة الأشغال ومدى أهميتها وموقعها
* تقييم مالي للعملية ونطاق التمويل المخصص لها ، ولهذا لا يمكن اللجوء إلى نزع الملكية عندما تكون الاعتمادات المالية غير كافية لتمويل العملية، ويتبين هذا النقص أو عدم الكفاية عند إيداع مبلغ التعويض المسبق لدى الخزينة العمومية، لأن هذا التعويض يكون دائما مسبق.
إن الملف لابد أن يشمل كل هذه البيانات ، وعند إعداد هذا الملف من طرف المستفيد من نزع الملكية يوضع للدراسة تحت مسئولية الوالي الذي يتمتع بسلطة واسعة لقبول أو رفض طلب نزع الملكية ، والذي يمكنه أن يطلب جميع المعلومات أو الوثائق التي يراها مفيدة ونافعة لدراسة الملف.
غير أنه إذا توافرت تلك الشروط في الملف يقوم الوالي بتعيين لجنة تحقيق.
أ- تعيين لجنة تحقيق:
تعين لجنة التحقيق بموجب قرار فتح التحقيق المسبق ، وتتكون هذه اللجنة من ثلاثة أشخاص يعينون من بين الموجودين في قائمة وطنية تعد سنويا حسب كيفيات معينة.
ويشترط في هؤلاء المحققين أن لا يكونوا منتمين إلى الجهة الإدارية التي تقوم بنزع الملكية ، وأن لا تكون لهم علاقة تنطوي على مصلحة مع المنزوع ملكيتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن تعيين لجنة التحقيق إجباري وعدم القيام بهذا التعيين قد يؤدي إلى إبطال الإجراءات اللاحقة كما يمكن للقاضي الدفع بهذه المخالفة عند منازعته لقرار التصريح بالمنفعة العمومية.
ب- ضبط كيفيات التحقيق المسبق:
ويقصد بالتحقيق المسبق حول المنفعة العمومية لأنه يختلف عن التحقيق الجزئي الذي مجاله هو تحديد قائمة الأملاك المعنية.
وتحقيق المسبق حول المنفعة و العمومية بفتح بقرار من الوالي ، حيث يحدد المكان الذي يجري فيه التحقيق تبعا لأهمية العملية وكيفيات عمل اللجنة ويخضع قرار فتح التحقيق الصادر عن الوالي إلى مجموعة من القواعد حسب المادة 6 من المرسوم التنفيذي 93/186 :
الإشهار بمركز البلدية التي يوجد فيها المشرع
نشر القرار في يوميتين وطنيتين
كما ينشر في مجموعة من القرارات الإدارية للولاية.
ويبين قرار فتح التحقيق : الهدف من التحقيق ، تاريخ بدا التحقيق وانتهائه وتشكيلة اللجنة التي يتضمن الأسماء والألقاب و الصيغة وهذا حسب المادة 6 من مرسوم 27 جويلية 1993.
*كيفيات عمل اللجنة تشمل أوقات استقبال الجمهور واماكنه ودفاتر تسجيل الشكاوي وطرق استشارة ملف التحقيق ويجب أن يصدر هذا القرار قبل 15 يوما من تاريخ فتح التحقيق.
ثانيا-التقرير حول المنفعة العمومية:
عملا بالمادة 9 من قانون 91-11 تقوم لجنة التحقيق بتقديم تقرير ظرفيا في مهلة 15 يوما من التاريخ المقرر لإنهاء التحقيق حول المنفعة العمومية.هذا التقرير الظرفي تستعرض فيه اللجنة استنتاجاتها حول طابع المنفعة العمومية للعملية المزعم القيام بها وفعاليتها . حيث أن لجنة التحقيق هذه تبين في أي شكل تكمن المنفعة العمومية أو أنها تستظهر انعدام المنفعة العمومية.
ولابد على اللجنة أن تعطي رأيها في مدى فعالية المنفعة العامة ولا يجوز لها ترك القرار للإدارة الانفرادية ، وتبلغ نسخة من خلاصة اللجنة إلى الأشخاص المعنيين بناء على مطالبهم وإذا كان لابد على اللجنة أن تعطي رأيها في مدى فعالية المنفعة العامة فان الرأي الذي تبديه اللجنة غير ملزم ، بمعنى أن الإدارة غير ملزمة في هذه الحالة فهل يمكن لها أن تتفرد في تقدير هذه المنفعة؟ وهل بإمكان القاضي التدخل في هذه الحالة؟
إن القاضي عليه بإعادة النظر في المنفعة العمومية كما هو معمول به في فرنسا لأنه إذا كان القضاء الجزائري استقر على عدم تدخله في مراقبة المنفعة العمومية فان الإجراءات المتبعة والتحقيقات ما هي إلا شكليات بالإمكان تجاوزها ، ولا تأثير لها على حسن استعمال السلطة العامة.
ثالثا- قرار التصريح بالمنفعة العمومية:
يجب أن تتوفر في قرار التصريح بالمنفعة العمومية شروط :
يجب أن يصدر القرار عن سلطة مختصة
يجب أن يحترم القرار القواعد الشكلية
وسنحاول تفصيل هاذين العنصرين:
1_السلطة المختصة في إصدار القانون:
بالرجوع إلى المادة 10 من المرسوم التنفيذي 93-186 الصادر في 27 يوليو 1993 نجد أن السلطة المختصة في إصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية تكون حسب حالتين:
*إذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها تقع على إقليم ولايتين أو عدة ولايات فان قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدر في شكل قرار وزاري مشترك أو قرارات مشتركة بين الوزير المعني بالعملية وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير المالية.
*وإذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية المراد نزع ملكيتها تقع على إقليم ولاية واحدة فان لتصريح بالمنفعة العمومية يصدر بقرار من الوالي .
2_ القواعد الشكلية واجبة الاتباع:
لابد من توافر الشروط التي جاءت بها المادة 11 من قانون 91-11 وتقابلها المادة 11 من المرسوم التنفيذي 93-186 وتتلخص هذه الشروط فيما يلي:
*يجب أن يكون قرار التصريح بالمنفعة العمومية منشورا حسب الحالة في الجريدة الجزائرية الديمقراطية الشعبية بالنسبة للقرارات الوزارية المشتركة أو أن ينشر في مدونة القرارات الإدارية للولاية.
*يجب أن يبلغ إلى كل واحد من الأشخاص المعنيين
*يجب أن يعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المطلوب نزع ملكيته.
وهذا الشرط الأخير المتمثل في إشهار القرار في مركز البلدية لا نجد في العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني حيث أوردت المادة 12 من قانون 91-11 هذا الاستثناء أنه :
" يمكن الإعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء تحقيق مسبق فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني ، وذلك حسب كيفيات تحدد بطرق تنظيمية ، ولا يخضع القرار في هذه للنشر شريطة أن يبلغ لكل من يحتمل نزع ملكيته"
فالعمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني لا يخضع القرار للإشهار والنشر هذا من جهة ومن جهة أخرى يبين القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطلان ما يلي : ( )
*أهداف نزع الملكية وتحديد المشروع المزعم تنفيذه
*مساحة العقارات وموقعها ومواصفاتها
*مشتملات الأشغال المزعم القيام بها
*تقدير النفقات التي تغطي عملية نزع الملكية
ولابد أن يبين القرار الأجل الأقصى لإنجاز عملية نزع الملكية مع العلم أنه لا يمكن أنم يتجاوز هذا الأجل أربع سنوات ، يمكن تمديده مرة واحدة بنفس المدة إذا تعلق الأمر بأشغال كبرى ذات الطابع الوطني أو ذات المنفعة الوطنية.
الفرع الثاني : تحديد قائمة الأملاك والحقوق العينية
تحديد الأملاك والحقوق العينية القابلة لنزع الملكية يتم عن طريق:
*التحقيق الجزئي
*التحقيق لقطع الأراضي والحقوق العينية والذي ينتهي إلى: إعداد مخطط قطع الأراضي
أولا-التحقيق الجزئي:
طبقا للمادة 13 من المرسوم التنفيذي 93-186 فان التحقيق الجزئي يهدف إلى تحديد محتوى الممتلكات والحقوق العقارية المذكورة تحديدا دقيقا ، وكذلك توضيح هوية المالكين وأصحاب الحقوق المراد نزع ملكيتهم والتحقق منهم سواء عن طريق معاينة حقوق الملكية في العقارات المعنية عند عدم وجود تلك المستندات.
وبصورة عامة يقصد من هذا التحقيق هدفين أساسيين :
*إعطاء الملاك فرصة لإبداء ملاحظاتهم حول المشروع
*الحصول على المعلومات الضرورية لتحديد قائمة الملاك واصحاب الحقوق التي تسمح بإعداد قرار قابلية التنازل .
وفي مهلة 15 يوما ابتداء من تاريخ إصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية يقوم الوالي بإصدار قرار تعيين محافظ محقق من بين المساحين والخبراء العقاريين المعتمدين لدى المحاكم وهذا قصد إنجاز التحقيق الجزئي ن وقرار التعيين لا بد أن يتضمن : ( )
*اسم المحافظ ولقبه وصفته
*المقر والأماكن والأيام والأوقات التي يمكن أن تتلقى فيها التصريحات والمعلومات والمنازعات المتعلقة بالحقوق ذات الصلة بالعقارات المراد نزع ملكيتها
*تاريخ بدء التحقيق الجزئي وانتهائه
*يجب أن ينشر القرار في الجريدة الرسمية ويبلغ لكل أصحاب الحقوق المعنيين ، ويعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المراد نزعه.
ثانيا_إعداد المخطط:
بعد القيام بالتحقيق الجزئي يتم إعداد مخطط لقطع الأراضي المعنية وقائمة الملاك وأصحاب الحقوق وهنا يقوم المحافظ المحقق بما يلي:
*فحص مستندات الملكية لتحديد هوية الأشخاص المعنيين
*معاينة حقوق الملكية في حالة انعدام المستندات القانونية للملكية .
*الاطلاع على كافة الوثائق الإدارية الضرورية والاستماع لكل ذي مصلحة .
يطلب من المحافظ العقاري التصديق على المستندات المقدمة لاثبات الملكية ومدى قبولها وقوتها القانونية.
بعد عملية التحقيق يعد المحافظ محضرا مؤقتا يتضمن النتائج الأولية الخاصة بمختلف الأملاك والحقوق وينشر لمدة 15يوما بمقر البلدية التي فيها الأملاك.
*بعد انقضاء 15 يوما من تاريخ الإشهار ينتقل المحافظ المحقق من جديد إلى عين المكان إذا ما صدرت منازعات أو مطالبات أو اعتراضات ، ويقوم بتحرير محضرا نهائيا يقيد فيه استنتاجاته النهائية حيث يبين قائمة العقارات المحقق فيها مبينا بالنسبة لكل عقار هوية مالكه أو مالكيه المحددة أو هوية المالك الغير محددة.
*ويقدم المحافظ المحقق إلى الوالي المختص إقليم في حدود الأجل الذي يحدده الوالي نفسه ، ملف التحقيق المتضمن ما يلي :
*المخطط الجزئي.
*المحضر النهائي وجميع الوثائق المستلمة أو المعدة أثناء التحقيق.
*قائمة العقارات.
ثالثا_تقسيم العقارات والحقوق :
تتمكن الإدارة من تحديد مبلغ التعويض الذي سيعرض على كل مالك يخول القانون للإدارة الأملاك الوطنية صلاحيات تقييم الأموال في شكل تقرير يقدم للوالي.
وطبقا للمادة 31 من المرسوم 93-186 يرسل الوالي إلى مصالح إدارة الأملاك الوطنية ملفا يتكون من:
*القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية .
*المخطط الجزئي المصحوب بقائمة المالكين أو أصحاب الحقوق العينية.
وتطبيقا للمادة 21 من قانون 91-11 المؤرخ في 27 افريل 1991 والمادة 32 من المرسوم التنفيذي 93-186 يجب أن يكون مبلغ التعويض عن نزع الملكية عادلا ومنصفا بحيث يغطي كل ما لحق من ضرر وما فاته من كسب بسبب إجراء نزع الملكية.
ويحدد هذا المبلغ حسب القيمة الحقيقة للأملاك تبعا لما ينتج ذلك عن تقييم طبيعتها أو مشتملاتها أو على استعمالها الفعلي من قبل مالكيها وأصحاب الحقوق العينية الآخرين أو من قبل التجار و الصناع والحرفيين.
تقدر هذه القيمة الحقيقية في اليوم الذي تقوم فيه مصلحة الأملاك الوطنية بالتقييم غير انه لا تدخل في الحسبان التحسينات من أي نوع ولا أية معاملة تجارية تمت أو أبرمت قصد الحصول على تعويض ارفع ثمنا.
وجاء في نفس القانون في المادة 22 :" إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزءا من العقار يمكن للمالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعجل"
ويجب في كل الحالات أن يغطي التعويض نقصان القيمة الذي يلحق الأملاك والحقوق غير المنزوعة من جراء نزع الملكية.
الفرع الثالث: الإجراءات الغير العادية
قد يتم القيام بنزع الملكية دون أن تراعى كل الإجراءات التي سبق لنا ذكرها وذلك وقوفا عند طبيعة الأشغال كالأشغال السرية أو عند ظروف معينة ، كالحالة الاستعجالية يكون قد نص عليها قانون خاص أو في ظروف طارئة يقدرها القضاء إذا رفعت دعوى أمامه.
من جهة أخرى سنتطرق إلى الإجراءات الخاصة كطلب نزع الملكية التام وسوف نخصص لها مطلب خاص .
أولا_الإجراءات الهادفة للإسراع بالعملية :
يجب التمييز بين الإجراءات الاستعجالية والإجراءات الاستعجالية للضرورة القصوى.
وقد تنص أمر 76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 المتعلق بنزع الملكية . قد نص على حالة الضرورة القصوى في مادته 49 حيث انه في حالة الضرورة القصوى تقتضي تنفيذ أشغال خاصة بالدفاع الوطني يمكن وضع اليد على الأموال قبل القيام بالإجراءات المنصوص عليها في الأمر.
غير أنه في القانون الحالي 91-11 لتم يتطرق إلى الضرورة القصوى في الحالة الاستعجالية فخلت مواده من مثل هذه الحالات ، بينما إذا تفحصنا القانون رقم 85-07 المؤرخ في 06 أوت 1985 المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها بالتوزيع العمومي الغاز نجد أن هذا القانون تطرق إلي الضرورة القصوى والحالة الاستعجالية حيث تنص المادة 26 منه على أنه:
" يمكن اللجوء استثنائيا إلى الإجراء الاستعجالي في حالة الضرورة القصوى التي يقتضيها الإنجاز العاجل للمنشآت ...، تحدد كيفيات تطبيق الإجراء الاستعجالي عن طريق القانون".
غير أننا نجد في القانون الحالي 91-11 أحكاما تقترن من الإجراءات الاستعجالية تتطلب ترخيصا من الجهة القضائية المختصة ( )، لوضع اليد على الأموال قبل تسديد مبلغ التعويض.
ا-الإجراءات الاستعجالية :
من خلال المادة 26ف 1 سابقة الذكر من القانون 85-07 المؤرخ في 06 أوت 1985 المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية والتوزيع العمومي للغاز والتي تسمح باللجوء استثنائيا للإجراءات الاستعجالية عندما تقتضي الضرورة القصوى للإنجاز العاجل للمنشآت نجد أن هذا الإجراء هو إجراء استثنائي يتطلب توفر شرط جوهري يتمثل في ضرورة الإسراع في إنجاز منشآت استراتيجية.
وبهذا الإجراء يمكن القول أن السلطة الإدارية المختصة تتمتع بسلطة تقديرية ولكن هذه السلطة لا تمنع القاضي من يتحقق من الوقائع وتكييفها كما لا يكون هذا الإجراء مقبولا ألا إذا تم الترخيص بالمنفعة العامة.
*-الترخيص القضائي لوضع اليد على الأملاك:
عملا بالمادة 28 من قانون 91/11 المؤرخ في 27 افريل 1991 المتعلق بقواعد نزع الملكية فإنها تنص على أنه يمكن :" للسلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستلام الأموال . ويصدر القرار القضائي حينئذ حسب إجراء الاستعجال ، ينشر القرار القضائي الخاص باستلام الأموال بالسجل العقاري دون المساس بالموضوع"
عند تفحصنا لهذه المادة نجد أنها تعطي فرصة للقاضي للنظر والتحقيق في قيمة التعويض وعليه فإنها تمس بحق الملكية الذي هو مقدس ومخالفة لروح الدساتير.
وبالتالي لو رفع المنزوع أمره للقاضي فبإمكانه أن يرفض الترخيص بوضع اليد من طرف الإدارة المختصة وذلك بشأن تحديد مبلغ التعويض.
ب-الإجراءات الخاصة :
تعني بالإجراءات الخاصة هنا تلك الحوادث الفرعية التي قد تظهر خلال الإجراءات العارضة مثل طلب نزع الملكية التام وطلب استرجاع الأملاك،كما قد تظهر في الإجراءات المتخصصة مثل العمليات ذات الطابع السري.
*-الإجراءات العارضة:
تهدف هذه الإجراءات إلى إعادة حقوق الملاك مثل طلب نزع الملكية التام وطلب استرجاع الأملاك.
وتخضع هذه الإجراءات لقواعد عامة عددها القانون الا أن دور القاضي مهما جدا بسبب غياب الإجراءات التفصيلية.
*-طلب نزع الملكية التام:
كما ورد في المادة 22 من قانون 27 أفريل 1991 فانه :" إذا كان نزع الملكية لا يعني إلا جزءا من العقار ، يمكن المالك أن يطلب الاستيلاء على الجزء الباقي غير المستعمل ويجب في كل الحالات أن يغطي التعويض نقصان القيمة الذي يلحق الأملاك والحقوق غير المنزوعة من جراء نزع الملكية"
تتضمن هذه المادة فقرتين فأما بالنسبة للأولى فتتعلق بالنزع التام للملكية.
وأما الفقرة الثانية فتتعلق بتعويض النقصان في قيمة الأملاك المنجرة عن نزع الملكية ، وعليه يمكن للمالك المعني أن يختار بين أمرين، بين طلب نزع الملكية التام أو بالتعويض عن نقصان القيمة وللقاضي السلطة التقديرية في تقرير ذلك لكنه يواجه صعوبات في مدى قابلية استعمال الأملاك الباقية.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمر76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 قد نص في المادة 23 على حالتين :
-إذا كان نزع الملكية لا يتناول إلا جزءا من عقار مبني وكان الجزء الباقي غير قابل الانتفاع به في أوضاع عادية على الإطلاق ، جاز لمن نزع ملكيته أن يطلب نزع ملكية التام ، وذلك خلال 15 يوما من تبليغ قرار التصريح بالمنفعة العمومية.
-ويمكن أيضا طلب نزع الملكية التام بالنسبة لكامل القطعة الأرضية العارية التي تنقص على اثر التجزئة إلى ريع مساحتها الكاملة ، فيما إذا كان المالك لا يملك أي قطعة أرض ملاصقة لها وإذا كانت القطعة المنقصة على هذا الشكل أقل من 10 آرات أما قانون 91-11 الجديد فانه لم يحدد لا أجل الطلب ولا الجهة التي يوجه اليها الطلب وعلى هذا يواجه القاضي صعوبات كبيرة في مهمته.
ج-حق استرجاع الأملاك أو إعادة البيع:
جاء في المادة 32 من قانون 27 أفريل 1991 ما يلي :" اذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزعم إنجازها في الآجال المحددة في العقد أو القرارات التي ترفض بالعمليات المعنية يمكن أن نسترجع ملكية العقار بناءا على طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق".
تشير هذه المادة أنه إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال في الآجال المحددة للعقد بناءا على طلب المنزوع ملكيته أو من له حق في ذلك يصرح القاضي وجوبا على إرجاع الأملاك لأصحابها.
وعلى المالك أولا قبل لجوءه إلى القضاء أن يقدم الطلب إلى الإدارة النازعة للملكية من أجل استصدار القرار الإداري المسبق(التضلم) أما المقابل المالي للاسترجاع فيتم تقديمه بالطريقة مثل تلك التي استخدمت في عملية نزع الملكية أما إذا تصرفت الإدارة ببيع الملك إلى شخص آخر فيمكن للمالك الأصلي المنزوع ملكيته أن يطلب التعويض المادي والمعنوي.
*-الإجراءات المتخصة:
جاء في المادة 12 من قانون 91-11 المؤرخ في 27 أفريل 1991 ما يلي :" يمكن الإعلان عن المنفعة العمومية بدون إجراء تحقيق مسبق ، فيما يخص العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني وذلك حسب كيفيات تحدد بطرق تنظيمية ، ولا يخضع القرار في هذه الحالة للنشر شريطة أن يبلغ لكل من يحتمل نزع ملكيته"
نستشف من هذه المادة التي تستثني العمليات السرية الخاصة بالدفاع الوطني وذلك حسب رأينا للمصلحة العليا للبلاد التي تدخل في سيادتها وبذلك يكون على وزارة الدفاع إثبات الطابع السري للعملية ، فهذه العمليات يستثنى منها التصريح بالمنفعة العمومية والتحقيق المسبق.
غير أن القانون لم يحدد السلطة المختصة بالإعلان عن المنفعة العمومية ، هل هي من اختصاص الوالي أو وزير الدفاع الوطني .
وقد مر بنا القول أن القانون الحالي 91-11 لم يذكر الضرورة القصوى في الأشغال المتعلقة بالدفاع الوطني عكس قانون 76-48 في مادته 49.
ج-تأثير الظروف الطارئة على إجراءات نزع الملكية :
ففي حالة تجاهل الإدارة بالشروط والإجراءات الجوهرية التي يتطلبها نزع الملكية فيبطل القرار الخاص بنزع الملكية إلا أنه قد تحدث ظروف طارئة التي على الادارة قد تثبتها حتى تحقق من مسؤولياتها وليس إعفاؤها لأنم الاستيلام غير شرعي ولا يمكن للادارة التعذر به لنزع الأملاك لخرق الإجراءات وعلى هذا الأساس يمكن للمالك المعني ان يطلب تعويض عن الأضرار الناجمة عن الاستيلاء غير الشرعي بالإضافة إلى تعويضه المادي.
المبحث الثاني : نظام التعويضات
تنص كل الدساتير الجزائرية على تعويض المنزوع ملكيته وذلك حماية للملكية الفردية التي هي حق طبيعي للفرد وعليه يجب توفر مبلغ التعويض المقترح لدى الخزينة العمومية.وللقاضي التدخل لتحديد مبلغ التعويض قبل استيلاء الإدارة على الأموال كما يحدد القانون طرق تقييم المال وذلك بالنظر إلى المصلحة الخاصة والمصلحة العامة حتى يكون التعويض منصف وعادلا ولا يؤثر بلا سبب على حساب المجتمع.
المطلب الأول: الإجراءات
الفرع الأول: منازعات قرار التصريح بالمنفعة العامة
نعني بمنازعات قرار التصريح بالمنفعة العمومية هنا الجهة التي يمكن رفع دعوى الإلغاء أمامها والآثار المترتبة عن الإلغاء .
إن رفع دعوى الإلغاء ضد قرار التصريح بالمنفعة العمومية يكون أمام الجهة القضائية التي تقوم بالفصل في المواد الإدارية.
أما بالنسبة للقرار الصادر عن الوالي يكون من اختصاص المجالس القضائية المختصة إقليميا وهي خمسة مجالس : مجلس الجزائر ، قسنطينة ، وهران، بشار، ورقلة .
أما بالنسبة للقرار الصادر عن الوزير فيكون من اختصاص المحكمة العليا بالطعن في قرار التصريح بالمنفعة العمومية يكون بيد المحكمة المختصة وهذا حسب الأشكال التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية ، هذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون 91-11.
أما الفقرة الثانية من نفس المادة فتجعل مهلة رفع الدعوى في شهر واحد ابتداء من تاريخ تبلغ القرار أو نشره غير أننا اذا رجعنا إلى قانون الإجراءات المدنية فنجد أن مواعيد رفع الدعوى أمام المجالس هي أربعة أشهر وأما أمام المحكمة العليا فهي شهرين.
والمشرع بهذه المادة 13 خالف قانون الإجراءات المدنية إذا جعل ميعاد الطعن هو شهر واحد ابتداءا من تاريخ تبليغ القرار ونشره هذا من جهة ومن جهة أخرى فانه إذا كان لابد من وجود التظلم الإداري المسبق ضروري أمام المحكمة العليا فان المشرع قد استبعده ، اذ لم يتطرق اليه في المادة 13 من قانون 91-11 رغم أن المادة 275 من قانون الإجراءات.
أما في الفقرة الثالثة من المادة 13 فقد نصت على أنه :" وفي هذه الحالة يوقف تنفيذ القرار المصرح بالمنفعة العمومية"، حيث ان دعوى الإلغاء تؤدي إلى توقيف الإجراءات الإدارية حتى الفصل في النزاع من قبل الجهة القضائية المختصة اذ يوقف تنفيذ قرار التصريح بالمنفعة العمومية.
ان الحكم الصادر عن المجلس هو ابتدائيا قابل للاستئناف أمام المحكمة العليا أي انه ابتدائي ونهائي وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون 91-11 نجد أنها تعطي للقاضي مهلة شهر واحد لإصداره.
أما في الفقرة الثالثة من نفس المادة فتجعل للجهة القضائية المختصة بالفصل عن طريق الاستئناف مهلة شهرين ابتداءا من تاريخ الطعن بالاستئناف ، أي رفع دعوى الاستئناف كي تصدر حكمها ، وهذا ربحا للوقت.
هذا الحكم القضائي النهائي يكون غير قابل لاعتراض الشخص الذي هو طرف في النزاع ولا يكون قابلا لاعتراض الغير الذي ليس طرفا في الخصام حيث تنص المادة 15 من قانون 11/91 على أنه :" يعتبر الحكم القضائي النهائي حضوريا بالنسبة لكل شخص سواء كان طرفا في الخصام أم لا"
وتأسيس دعوى الإلغاء تكون حسب الأحوال:
أما لعدم الاختصاص أو عيب الشكل ومخالفة القانون أو الانحراف في استعمال السلطة.
فأما عدم الاختصاص فيطهر عندما تعتدي سلطة إدارية على صلاحيات وامتيازات سلطة إدارية أخرى كأن يصدر قرار التصريح بالمنفعة العمومية عن الوالي وهو في حقيقة الأمر يقتضي هذا القرار قرار وزاريا مشترك و أما عيب الشكل فيثور في حالة إهمال السلطة الإدارية لإجراء جوهري لابد عليها القيام به كان تمتنع عن تعيين لجنة التحقيق أو تعين شخصين اثنين بدلا من ثلاثة أشخاص المنصوص عليها في لمادة 5 من قانون 91-11 .
أما الانحراف في استعمال السلطة فيظهر مثلا عن ما يتم التصريح بأغراض امتلاكية خاصة يكون الهدف من ورائها المصلحة الخاصة وليس المنفعة العمومية ، فيكون التصريح بالمنفعة العمومية ولكن في حقيقة الأمر لا وجود للمنفعة العمومية ، وانما كان الغرض هو تحقيق منفعة خاصة للإدارة القائمة لنزع الملكية أو غيرها.
وأما عن مخالفة القانون فتظهر مثلا عندما لا تقوم الإدارة بالإشهار عندما يكون الإشهار إجباريا .هذا فيما يخص الجهات القضائية التي ترفع أمامها دعوى الإلغاء وتأسيس هذه الدعوى .
أما فيما يخص الآثار المترتبة عن الإلغاء فان كافة القرارات الإدارية اللاحقة تصبح غير شرعية ماعدا التحقيق ما لم تتغير الظروف وتصبح نقل الملكية ووضع اليد عليها غير ممكنا.
إن الإجراءات سابقة الذكر الخاصة بالصريح بالمنفعة العمومية هدفها هو محاولة إيجاد توازن بين المصلحة العمومية والحقوق الفردية المجسدة في ضمان حق الملكية.
وبعد القيام بالتصريح بالمنفعة العمومية وتتم جميع الأشكال سالفة الذكر تنتقل الى تحديد الأملاك والحقوق العقارية المطلوب نزع ملكيتها .
الفرع الثاني: التصريح بقابلية التنازل عن الأملاك
يحرر القرار الداري الخاص بقابلية التنازل عن الأملاك والحقوق المطلوب نزع ملكيتها بناء على تقرير التعويض الذي تعده مصالح إدارة الأملاك الوطنية.
ويشمل القرار الإداري الخاص بقابلية التنازل عن قائمة العقارات والحقوق العينية الأخرى المزعم نزع ملكيتها ، ويبين في كل حالة تحت طائلة البطلان لهوية المالك أو صاحب حق الملكية. كما يعين العقارات اعتمادا على التصميم الجزئي مع بيان التعويض المرتبط بذلك وقاعدة حسابه.
يبلغ القرار الإداري الخاص بقابلية التنازل إلى كل واحد من الملاك أو ذوي الحقوق العينية أو المنتفعين ، ويرفق إذا أمكن باقتراح تعويض عيني يحل محل التعويض النقدي المنصوص عليه .
*يرفع الطرف المطالب الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة في غضون شهر من تاريخ التبليغ إلا إذا حصل اتفاق بالتراضي ويودع مبلغ التعويض الممنوح للمعني لدى الهيئة المختصة في الوقت نفسه الذي يتم فيه التبليغ المحدد في المادة 25 من هذا القانون.
للسلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستيلام الأموال ، ويصدر القرار القضائي حينئذ حسب إجراء الاستعجال وينشر القرار القضائي الخاص باستلام الأموال بالسجل دون المساس بالموضوع.
الفرع الثالث: القرار الإداري الخاص بنقل الملكية
يحرر قرار إداري لاتمام صيغة نقل الملكية في الحالات التالية :
*اذا حصل اتفاق بالتراضي
*اذا لم يقدم أي طعن خلال مدة شهر من تاريخ التبليغ.
*اذا صدر قرار قضائي نهائي لصالح نزع الملكية.
ثم يبلغ القرار الإداري الخاص بنزع الملكية الى المنزوع منه الى المستفيد ويخضع للشكليات القانونية المطلوبة في مجال التحويل العقاري و عندئذ يلزم المعنيون بإخلاء الأماكن.
ان المشرع حدد ثلاثة حالات تمكن السلطة الإدارية من إصدار قرار نقل الملكية الذي يسمح للمستفيد من هذا الإجراء وضع اليد على الأملاك.
وتجدر الإشارة الى أن نقل الملكية في القانون الفرنسي لا تتم الا عن طريق أمر قضائي ، أما القانون الجزائري يعتمد على إجراءات إدارية فقط .
الحالة الأولى :
إن حصل اتفاق بالتراضي والتساؤل هنا هو هل ضروري أن يصدر قرار إداري لاتمام نقل الملكية لن الاتفاق قد يكفي إذا تم الإشهار عليه.
الحالة الثانية :
إذا قبل المالك مبلغ التعويض أو امتنع عن الدعوى القضائية يصبح عند انتهاء المهلة القانونية المحددة بشهر واحد اتفاق ضمني بين الطرفين.
الحالة الثالثة :
إذا صدر قرار نهائي سواء من المجلس القضائي او من المحكمة العليا.
ن قرار نزع الملكية يخضع إلى إجراءات التبليغ لكلا الطرفين المالك والمستفيد من نزع الملكية كما يخضع إلى الإشهار العقاري.
ويترتب على قرار نزع الملكية آثارا من بينها حق الإدارة في جبر المالكين على إخلاء الأماكن المراد نزعها ، وهنا نجد أن القانون لم يعطي مهلة لاخلاء الأماكن بل تركها مفتوحة الأمر الذي يؤدي بالإدارة الى تصرفات يصعب الحد منها.
منقول للفائدة