خــطــة البـــــــحث
المـــقدمــة
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا
الفرع الثاني: ميعاد وإجراءات رفع المعارضة
الفرع الثالث: آثار المعارضة
المطلب الثاني: الاستئناف
الفرع الأول:حق وميعاد وإجراءات الاستئناف
الفرع الثاني: أثر الاستئناف
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف
المبحث الثاني: طرق الطعن غير العادية
المطلب الأول: الطعن بالنقض
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض
الفرع الثاني: أوجه طرق الطعن بالنقض
الفرع الثالث: الطعن بالنقض لصالح القانون
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر
الفرع الأول: حالات طلب التماس إعادة النظر
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر
الخــاتمـــة
المــقدمــة:
رسم المشرع الجزائري لخصوم الدعوى العمومية طرقا للطعن في الأحكام الصادرة في غير صالحهم لرفع الضرر الذي أصابهم من هذه الأحكام وتعتبر طرق الطعن ضمانة لتفادي الأخطاء القضائية، وتصنف طرق الطعن إلى:
- طرق الطعن العادية التي تهدف إلى إعادة النظر في القضية من جديد وهي طرق مفتوحة للمتقاضين وتتمثل في المعارضة والاستئناف.
- طرق الطعن الغير عادية هدفها إعادة النظر في قانونية القرار الصادر من المجلس وهما التماس إعادة النظر والطعن بالنقض.
وسنتطرق في المبحث الأول إلى طرق الطعن العادية وفي المبحث الثاني إلى طرق الطعن الغير عادية
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة:
تعتبر المعارضة طريقا من طرق الطعن العادية التي تهدف إلى منع الحكم من حيازة الشيء المقضي فيه وذلك في حالة صدور الحكم في غياب المتهم.
إن المتهم الذي لم يحضر إجراءات المحاكمة لم يتمكن من تقديم دفاعه وبالتالي لم تستمع المحكمة إلى حججه ومكن أن يكون سبب تخلفه خارجا عن إرادته ومن ثمة فإن الحكم لا يخضع إلى مبدأ حضورية الإجراءات ومادام التخلف عن الحضور خارجا عن إرادة المتهم فإن القانون يرخص له تدارك الحكم بالمعارضة.
إن مجال المعارضة هو الأحكام الصادرة في الجنح والمخالفات ذلك أن في مجال الجنايات فإن المعارضة يحل محلها إعلان إجراءات التخلف عن الحضور ويحق للمتهم المعارضة في الحكم الصادر ويجوز أن تنحصر المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية .
أما المعارضة الصادرة من المدعي المدني أو من المسؤول عن الحقوق المدنية فلا أثر لها إلا على ما تعلق بالحقوق المدنية .
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا:
تقتضي المعارضة ألا يكون المتهم قد امتنع عن الحضور بإرادته ويعتبر الحكم غيابيا في حالتين:
- إذا تم تبليغ المتهم ولكن لا يوجد دليل يفيد بتلقيه التبليغ.
- إذا تلقى المتهم التبليغ وقد عذرا مقبولا لعدم الحضور.
وتنص المادة407 من قانون الإجراءات الجزائية "كل من كلف بالحضور تكليفا تخلف عن الحضور يحكم عليه غيابيا".
الفرع الثاني: ميعاد وإجراءات رفع المعارضة:
1- ميعاد المعارضة: تقبل المعارضة في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم للمتهم.
وتمدد هذه المدة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني ، إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم تعين تقديم المعارضة في المواعيد السابق ذكرها آنفا والتي تسري اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم للموطن أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة .
2- إجراءات رفع المعارضة:
يطعن بالمعارضة بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم الغيابي في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم كما تبلغ هذه المعارضة بكل وسيلة إلى النيابة العامة التي يعهد إليها إشعار المدعي المدني بها وذلك برسالة مضمنة الوصول وفي حالة ما إذا كانت المعارضة قاصرة على ما قضى به الحكم من الحقوق المدنية فيتعين على المتهم أن يقوم بتبليغ المدعي المدني مباشرة بها .
الفرع الثالث: آثار المعارضة:
للمعارضة أثرين هما:
1- الأثر الموقف:
ومفاده أن المعارضة توقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فيها، إلا في حالة وحيدة ذكرتها المادة 353فقرة02 و03 بقولها "وتحكم عند الاقتضاء في الدعوى العمومية ولها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة والاستئناف".
2- الأثر الملغي:
ومفاده أن المعارضة تلغي ما قضى به الحكم الغيابي ، حيث أن الجهة التي أصدرت الحكم الغيابي تفصل من جديد في القضية فإذا حضر المتهم إلى الجلسة المحددة فإن محاكمته تعتبر حضورية وتسترجع المحكمة حريتها نتيجة إلغاء الحكم السابق بالمعارضة ويمكن لها إلغاء ما قضت به سابقا أو تخفيفه أو تشديده أما إذا لم يحضر المتهم بالجلسة المعلنة فإن معارضته تصبح كأن لم تكن .
المطلب الثاني: في الاستئناف:
يختلف الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا، ويعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لإصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا للمبدأ المعروف "التقاضي على درجتين" كما أنه وسيلة لمنع حيازة الحكم حجية الشيء المقضي فيه.
وتفصل الجهة الإستئنافية في الاستئناف في مواد الجنح والمخالفات مشكلة تشكيلا ثلاثيا بحيث يكون الرئيس برتبة رئيس غرفة ومستشاريه برتبة مستشار.
ويقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة وأعمال قلم الكتاب يؤديها أمين ضبط الجلسة، وإذا كان المستأنف محبوسا تنعقد الجلسة وجوبا خلال شهرين من تاريخ الاستئناف .
وتكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح والمخالفات إذا قضت بعقوبة تزيد عن 100 دج طبقا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص على أنه تكون قابلة للاستئناف "الأحكام الصادرة في مواد الجنح إذا قضت بعقوبة الحبس أو عقوبة غرامة تتجاوز100 دج أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز 5 أيام".
كذلك نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه "يجوز للمدعي المدني أو وكيله أن يطعن بالاستئناف في "الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق والأوامر الصادرة بعدم إجراء تحقيق أو بألا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوق المدعي المدنية، غير أن الاستئناف هنا لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم احتياطيا، كما يجوز له أن يستأنف الأمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على دفع الخصوم بعدم الاختصاص".
الفرع الأول: حق وميعاد وإجراءات الاستئناف:
1- حق الاستئناف:
يتعلق بالمتهم، المسؤول المدني، وكيل الجمهورية، النائب العام، الإدارة العامة، الطرف المدني طبقا لنص المادة417 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص "يتعلق حق الاستئناف بالمتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية ووكيل الجمهورية والنائب العام والإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية والمدعي المدني وفي حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم وبالمسؤول عن الحقوق المدنية ويتعلق هذا الحق فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط.
2- ميعاد الاستئناف:
يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيما تسري من تاريخ النطق بالحكم الحضوري طبقا لنص المادة 418فقرة01 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص "يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري.
غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن وإلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو بتكرار الغياب أو اعتباريا حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 345 و347 فقرة01 و03 والمادة350 وهذا طبقا للمادة 418 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.
و في حالة استئناف احد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة 05 أيام إضافية لرفع الاستئناف هذا بالنسبة للخصوم أما فيما يخص السيد النائب العام فيكون ميعاد الاستئناف في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق في الحكم .
وتنص المادة 426 أنه إذا فصلت المحكمة في طلب إفراج مؤقت وفقا للمواد 128/129/130 تعين رفع الاستئناف في مهلة 24 ساعة، ويضل المتهم محبوسا ريثما يفصل في استئناف وكيل الجمهورية وذلك في جميع الأحوال حتى تستنفذ مهلة ذلك الاستئناف.
ويرفع الاستئناف في أوامر قاضي التحقيق في ظرف 03 أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم وذلك أمام غرفة الاتهام .
3- إجراءات رفع الاستئناف:
يرفع الاستئناف بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالاستئناف ويعرض على المجلس القضائي .
ويرفع وجوبا تقرير الاستئناف ويجب أن يوقع عليه من قبل كاتب الضبط ومن المستأنف نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع وفي الحالة الأخيرة يرفق التفويض بالمحرر الذي دونه أمين الضبط، وإذا كان المستأنف لا يستطيع التوقيع ذكر أمين الضبط ذلك .
وإذا كان المتهم محبوسا جاز له كذلك أن يودع تقرير استئنافه في المواعيد المنصوص عليها في المادة418 لدى كاتب الضبط بالمؤسسة حيث يتلقى ويقيد في الحال في سجل خاص ويسلم له إيصال عنه ويتعين على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يرسل نسخة من هذا التقرير خلال 24 ساعة إلى كتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه وإلا عوقب إداريا .
ويجوز رفع الاستئناف بعريضة تودع بكتابة ضبط المحكمة في المواعيد المنصوص عليها لتقرير الاستئناف ويوقع عليها المستأنف ومحاميه أو وكيل خاص مفوض بالتوقيع وترسل العريضة وكذلك أوراق الدعوى بمعرفة وكيل الجمهورية إلى المجلس القضائي في أجل أقصاه شهرا.
وإذا كان المتهم مقبوضا عليه يحال في أقصر مدة وبأمر من وكيل الجمهورية إلى مؤسسة إعادة التربية بمقر المجلس القضائي .
4- إجراءات رفع الاستئناف أمام المجلس القضائي:
نظمتها المواد 430/431/432/433 من قانون الإجراءات الجزائية، إذ يفصل في الاستئناف في جلسة بناءا على تقرير شفوي من أحد المستشارين ويستجوب المتهم ولا تسمع شهادة الشهود إلا إذا أمر المجلس بسماعهم وتسمع أطراف الدعوى بدأ بالمستأنف فالمستأنف عليه وتبقى الكلمة الأخيرة دائما للمتهم .
إذا رأى المجلس أن الاستئناف قد تأخر رفعه أو كان غير صحيح شكلا قرر عدم قبوله وإذا ما رأى أن الاستئناف رغم كونه مقبولا شكلا، ليس قائما على أساس قانوني قضي بتأييد الحكم المطعون فيه .
أما إذا كان الحكم باطلا بسبب مخالفة أو إغفال لا يمكن تداركه للأوضاع المقررة قانونا والمترتب على مخالفتها أو إغفالها البطلان فإن المجلس يتصدى ويحكم في الموضوع .
ويجوز للمجلس بناءا على استئناف النيابة أن يقضي بتأييد الحكم أو إلغاءه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه، وليس للمجلس إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده أو من المسؤول عن الحقوق المدنية أن يسيء حالة المستأنف، ولا يجوز له إذا كان الاستئناف مرفوعا من المدعي المدني وحده أن يعدل على وجه يسيء إليه، ولا يجوز للمدعي المدني في دعوى الاستئناف أن يقدم طلبا جديدا ولكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى .
الفرع الثاني: آثار الاستئناف:يترتب على الاستئناف أثران:
1- الأثر الموقف والأثر غير الموقف:
للاستئناف أثر موقف للتنفيذ إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد 357 فقرة02و03 بقولها "وتحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية ولها أن تأمر بدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة والاستئناف" وفي المادة365 بقولها "يخلى سبيل المتهم المحبوس فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة وذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب أخر، كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس احتياطيا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المحكوم بها عليه"، والمادة 419 "يقدم النائب العام استئنافه في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم وهذه المدة لا تحول دون تنفيذ الحكم، والمادة 427 بقولها "لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو التمهيدية أو التي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع وفي الوقت نفسه مع استئناف ذلك الحكم"، وليس للاستئناف المرفوع من طرف المتهم ضد الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أثر موقف .
2- الأثر الناقل:
يترتب على الاستئناف أثر ناقل ومعنى ذلك أن الاستئناف يحيل القضية إلى جهة عليا تعيد من جديد الإجراءات وتقيم العناصر القانونية والموضوعية للقضية ولا يترتب على هذا الأثر الناقل إلا في حالة اتصال الجهة العليا بالاستئناف مع الملاحظة أن الاستئناف لا يلغي الحكم وإنما يحيله إلى جهة عليا.
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف:
هناك حدود معينة تترتب على نقل القضية إلى جهة الاستئناف التي يجب عليها مراعاتها، فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لوقائع غير تلك التي أحيلت على القاضي الأول بحيث أن تطرق جهة الاستئناف لوقائع أخرى يترتب عليه حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي وهذا ما يسمى بعدم إثارة طلبات جديدة في الاستئناف.
وتتقيد جهة الاستئناف بموضوعه حيث يحق للمستأنف رفع استئناف في جزء من الحكم، فمثلا إذا رفع المحكوم عليه بالحبس والغرامة استئنافه حول الحبس فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لموضوع الغرامة، ولا يحق لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركز المستأنف وذلك بإصلاح الحكم بكيفية مخالفة لمصالحه سواء كان المستأنف هو المتهم أو المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية وعليه إذا كان المتهم هو المستأنف ولم تستأنف النيابة العامة فلا يجوز لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركزه بتقرير عقوبة أشد أو تغيير وصف الجريمة إلى وصف أشد، كما أنه لا يجوز لها إساءة مركز الطرف المدني أو المسؤول المني في حالة استئنافهما، أما في حالة ما إذا قامت النيابة العامة بالاستئناف فيجوز للمجلس أن يقضي إما بتأييد الحكم أو تعديله كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه .
وهناك حالة فريدة تقع كثيرا يجب الإشارة إليها وتتمثل في كون الطرف المدني هو المستأنف الوحيد لحكم قضى ببراءة المتهم فمثل هذا الاستئناف ينصب فقط على الدعوى المدنية ومادامت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الجزائي فإن الدعوى العمومية تكون قد انقضت فكيف تفصل جهة الاستئناف في هذا الاستئناف؟
في هذه الحالة تقوم جهة الاستئناف بالتحقق من وجود عناصر الجريمة تأسيسا على أن الدعوى المدنية لا تكون مقبولة إلا إذا كانت ناشئة عن الجريمة فإذا ما تبين لجهة الاستئناف ارتباط بين الضرر المطلوب جبره والجريمة فإنه لا يجوز معاقبة المتهم وإنما يحق لها منح تعويضات للطرف المدني وهذا المبدأ استقر عليه الفقه.
المبحث الثاني: طرق الطعن غير العادية:وسنتطرق فيه إلى الطعن بالنقض في المطلب الأول وإلى التماس إعادة النظر في المطلب الثاني.
المطلب الأول: الطعن بالنقض: يتم الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ويهدف إلى إصلاح الأخطاء القانونية التي ارتكبت على مستوى المحاكم والمجالس، ويختلف الطعن بالنقض عن الاستئناف من حيث أن المحكمة العليا غير مختصة بإعادة النظر في الوقائع التي استند إليها الحكم المطعون فيه ولا تملك كذلك سلطة إجراء التحقيق أو سماع الشهود وإنما يجب عليها فقط البحث عما إذا كان الحكم المطعون فيه مطابقا للقانون وذلك تطبيقا لمبدأ أن المحكمة العليا محكمة قانون وليست محكمة وقائع وأنها لا تشكل درجة ثالثة من التقاضي بل هي جهة مقومة لأعمال القضاء العادي بشقيه المدني والجزائي.
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض: إن الطعن بالنقض طريق من طرق الطعن الغير عادية يهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه ومن ثمة فمجاله الحالات المحددة في القانون فطبقا لنص المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية "يجوز الطعن بطريق النقض أمام المحكمة العليا:
أ- في قرارات غرفة الاتهام ما عدا ما يتعلق منها بالحبس المؤقت والرقابة القضائية.
ب- في أحكام المحاكم والمجالس القضائية الصادرة في آخر درجة أو المقضي فيها بقرار مستقل في الاختصاص.
ولا يجوز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة بالبراءة إلا من جانب النيابة العامة، وفي أحكام الإحالة الصادرة من غرفة الاتهام في قضايا الجنح والمخالفات إلا إذا قضى الحكم في الاختصاص أو تضمن مقتضيات نهائية ليس في استطاعة القاضي أن يعدلها، غير أنه يجوز أن تكون الأحكام بالبراءة محلا للطعن بالنقض من جانب من لهم الاعتراض عليها إذا ما كانت قد قضت إما في التعويضات التي طلبها الشخص المقضي ببراءته أو في رد الأشياء المضبوطة أو في الوجهين معا ولا تجوز مباشرة الطعن بطريق عرضي، طبقا لنص المادة 496 من قانون الإجراءات الجزائية.
1- الحق في الطعن بالنقض:
يتعلق بالنيابة العامة، المحكوم عليه أو محاميه أو وكيل مفوض عنه بالتوقيع بتوكيل خاص، المدعي المدني أو محاميه، المسؤول المدني طبقا للمادة 497 من قانون الإجراءات الجزائية.
وفضلا عن الإستثنائين المنصوص عليهما في المادة 496 السابقة الذكر فإنه يسمح للمدعي المدني بالطعن في أحكام غرفة الاتهام إذا قررت عدم قبول دعواه وإذا قررت أنه لا مجال لادعائه بالحقوق المدنية إذا قبل الحكم دفعا يضع نهاية للدعوى المدنية إذا سها عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام أو إذا كان القرار من حيث الشكل غير مستكمل للشروط الجوهرية المقررة قانونا لصحته، وفي جميع الحالات الأخرى غير المذكورة بالذات فيما إذا كان ثمة طعن من جانب النيابة العامة.
2- شروط الطعن بالنقض:
تكون قابلة للطعن بالنقض تلك الأحكام والقرارات الصادرة عن آخر درجة ويترتب على ذلك ما يلي:
أ- لا يقبل الطعن بالنقض في الحكم القابل للاستئناف لو أن الاستئناف لم يرفع.
ب- لا يقبل الطعن بالنقض إذا كان القرار أو الحكم قابلا للمعارضة.
بصفة عامة حتى يمكن مباشرة طرق الطعن غير العادية يجب أولا مباشرة طرق الطعن العادية أي احترام درجات التقاضي.
3- إجراءات رفع الطعن:
يرفع الطعن بتقرير لدى كتابة ضبط الجهة التي أصدرت القرار المطعون فيه ويجب توقيع تقرير الطعن بالنقض من أمين الضبط والطاعن بنفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع وفي الحالة الأخيرة يرفق التوكيل بالمحضر المحرر من أمين الضبط وإذا كان الطاعن المقرر لا يستطيع التوقيع، نوه عن ذلك، وترفق نسخة من المحضر وكذا التقرير بملف القضية ويجوز أن يرفع الطعن بكتاب أو برقية إذا تعلق بمحكوم عليهم يقيمون في الخارج، غير أنه يشترط أن يكون في خلال مهلة شهر المنصوص عليها في المادة 498 من ق أج، ويصدق على الطعن محام معتمد لدى المحكمة العليا يباشر عمله بالجزائر ويكون مكتبه موطنا مختارا حتما ويترتب البطلان على مخالفة هذا الشرط وإذا كان المتهم محبوسا جاز رفع الطعن إما بتقرير يسلم إلى أمانة ضبط المحكمة العليا بمعرفة مدير المؤسسة الذي يتعين عليه أن يصادق على تاريخ تسليم الكتاب إلى يده .
4- ميعاد رفع الطعن بالنقض:
مهلة الطعن بالنقض هي 08 أيام بالنسبة لجميع الأطراف، وتسري هذه المهلة من يوم النطق بالقرار إذا كان حضوريا، ومن تاريخ التبليغ إذا كان القرار غيابيا أو حضوريا اعتباريا، وتمدد هذه المهلة إلى شهر إذا كان أحد أطراف الدعوى مقيما بالخارج .
الفرع الثاني: أوجه الطعن بالنقض: حددت المادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية الأوجه التي يبنى عليها الطعن بالنقض وهي:
- عدم الاختصاص.
- تجاوز السلطة.
- مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات.
- انعدام أو قصور الأسباب.
- إغفال الفصل في وجه الطلب أو في أحد طلبات النيابة العامة.
- تناقض القرارات الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض فيما قضى به الحكم أو القرار نفسه.
- مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه.
- انعدام الأساس القانوني.
فإذا كان الطعن بالنقض جائزا ومقبولا شكلا فإن المحكمة العليا تفصل في موضوعه بأحد القرارين:
1- قبول الطعن بالنقض ونقض الحكم: إذا أصدرت المحكمة العليا قرار بقبول الطعن موضوعا فإنه يقضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى الجهة القضائية نفسها مشكلة تشكيلا أخر أو إلى جهة قضائية أخرى من نفس درجة الجهة التي أصدرت القرار المنقوض.
2- قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا: وهذا إذا توصلت المحكمة العليا إلى أن القرار محل الطعن غير مؤسس على الحالات المنصوص عليها في المادة 500 المذكورة أعلاه.
الفرع الثاني: أثر الطعن بالنقض: للطعن بالنقض أثران:
- أثر موقف للتنفيذ وهذا ما نصت عليه المادة 499 فقرة01 ق أ ج "يوقف تنفيذ الحكم خلال ميعاد الطعن بالنقض وإذا رفع الطعن فإلى أن يصدر الحكم من المحكمة العليا وذلك فيما عدا ما قضى فيه من الحقوق المدنية".
- أثر غير موقف وهذا ما نصت عليه المادتين 499 فقرة02 و03 من ق أ ج "و بالرغم من الطعن يفرج فورا بعد صدور الحكم على المتهم المقضي ببراءته أو إعفائه أو إدانته بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة وكذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس الذي يحكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد استنفاذ حبسه الاحتياطي(المؤقت) مدة العقوبة المحكوم بها".
وتنص المادة 474 فقرة أخيرة من ق أ ج " ولا يكون للطعن أثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 من قانون العقوبات.
الفرع الثالث الطعن لصالح القانون: تعرض المشرع للطعن بالنقض لصالح القانون في المادة530 من ق إ ج، حيث خول القانون صلاحية الطعن بالنقض لصالح القانون فقط للنائب العام لدى المحكمة العليا من تلقاء نفسه أو بناءا على تعليمات من وزير العدل.
1- شروط الطعن بالنقض لصالح القانون: حددت المادة 530 من ق أ ج شروط الطعن لصالح القانون كما يلي:
- أن يكون الطعن متعلقا بحكم نهائي من محكمة أو مجلس قضائي.
- أن يكون الحكم أو القرار مخالفا للقانون أو لقواعد الإجراءات الجوهرية.
- أن لا يكون الخصوم قد طعنوا فيه في الميعاد المقرر.
فإذا توفر شرط من هذه الشروط فإن النائب العام لدى المحكمة العليا ملزم بان يعرض هذا الأمر بعريضة على المحكمة العليا.
2- آثار الطعن بالنقض لصالح القانون: إذا نقض الحكم فلا يجوز للخصوم التمسك بالقرار الصادر من المحكمة العليا للتخلص مما قضى به الحكم المنقوض، وإذا قضت المحكمة العليا ببطلان الحكم يستفيد المحكوم عليه منه ولكن لا يؤثر في الحقوق المدنية.
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر:
ينصب التماس إعادة النظر على الحكم القضائي البات القاضي بالإدانة في موضوع جناية أو جنحة.
تنص المادة 531 من ق أ ج "لا يسمح بطلبات إعادة النظر إلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن المجالس القضائية أو الأحكام الصادرة عن المحاكم إذا حازت قوة الشيء المقضي فيه وكانت تقضي بالإدانة في جناية أو جنحة".
الفرع الأول: حالات طلب التماس إعادة النظر: تنص المادة 531 فقرة02 ق أ ج على " يجب أن يؤسس طلب التماس إعادة النظر على إحدى الحالات الأربعة:
- تقديم مستندات بعد الحكم بالإدانة في جناية قتل يترتب عليها قيام أدلة كافية على وجود المجني عليه المزعوم قتله على قيد الحياة.
- إذا أدين بشهادة الزور ضد المحكوم عليه شاهد سبق أن ساهم بشهادته في إثبات إدانة المحكوم عليه.
- إدانة متهم آخر من أجل ارتكابه الجناية أو الجنحة نفسها بحيث لا يمكن التوفيق بين الحكمين.
- كشف واقعة جديدة أو تقديم مستندات كانت مجهولة من القضاة الذين حكموا بالإدانة مع أنه يبدو منها أن من شأنها التدليل على براءة المحكوم عليه.
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر: طبقا للمادة 531 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية فإن التماس إعادة النظر يرفع من وزير العدل أو المحكوم عليه أو نائبه أو زوجه أو فروعه أو أصوله في حالة وفاته أو ثبوت غيابه بالنسبة للحالات الثلاثة الأولى، وفي الحالة الرابعة لا يجوز ذلك لغير النائب العام لدى المحكمة العليا متصرفا بناءا على طلب من وزير العدل.
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر: يرفع الأمر مباشرة إلى المحكمة العليا ويفصل فيه بعد سماع التماسات النيابة والخصوم وبعد اتخاذ ما يراه لازما من إجراءات التحقيق وإذا تبين صحة موضوع الالتماس فإنه يقضى ببطلان الحكم دون إحالته إلى الجهة التي أصدرته وهذا ما نصت عليه المادة 531 فقرة03 و04 من ق أ ج " وتفصل المحكمة العليا في موضوع دعوى إعادة النظر ويقوم القاضي المقرر بجميع إجراءات التحقيق وعند الضرورة بطريق الإنابة القضائية وإذا قبلت المحكمة العليا الطلب قضت بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي ثبت عدم صحتها".
أما في حالة قبول الطلب تقضي المحكمة العليا بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي ثبت عدم صحتها وتقبل طلبات التعويض للمحكوم عليه أو ذوي حقوقه طبقا لنص المادة 531 مكرر ق أ ج، تتحمل الدولة التعويضات الممنوحة لضحية الخطأ القضائي أو ذوي حقوقه ونشر القرار
الخــاتمــة:
إن مبدأ الشرعية يوجب تعدد درجات التقاضي، فإذا كانت القاعدة قابلية الأحكام للاستئناف كنتيجة لمبدأ المشروعية، فان عدم قابلية أحكام محكمة الجنايات للاستئناف فيه إهدار لمبدأ المشروعية الذي يقضي بوجوب منح المتهم وجهة الاتهام فرصة إعادة النظر في الحكم أمام محكمة ثانية تعيد النظر في الوقائع وتصحح الأخطاء، لذلك نرى أنه يجب إعادة النظر في عدم قابلية أحكام محاكم الجنايات للاستئناف وذلك بتقرير الاستئناف فيها بالنظر إلى خطورة أحكامها، ولا يقلل من أهمية وجهة نظرنا هذه كون محكمة الجنايات مشكلة من محلفين إذ بالنظر إلى طبيعتهم في تشكيل المحكمة، وبالنظر إلى قاعدة الاقتناع الشخصي في إصدار الأحكام، فانه لا يمكن تفادي الأخطاء الملازمة لهذه التشكيلة وما يترتب على ذلك من مساس بحقوق الخصوم.
المـــقدمــة
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا
الفرع الثاني: ميعاد وإجراءات رفع المعارضة
الفرع الثالث: آثار المعارضة
المطلب الثاني: الاستئناف
الفرع الأول:حق وميعاد وإجراءات الاستئناف
الفرع الثاني: أثر الاستئناف
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف
المبحث الثاني: طرق الطعن غير العادية
المطلب الأول: الطعن بالنقض
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض
الفرع الثاني: أوجه طرق الطعن بالنقض
الفرع الثالث: الطعن بالنقض لصالح القانون
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر
الفرع الأول: حالات طلب التماس إعادة النظر
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر
الخــاتمـــة
المــقدمــة:
رسم المشرع الجزائري لخصوم الدعوى العمومية طرقا للطعن في الأحكام الصادرة في غير صالحهم لرفع الضرر الذي أصابهم من هذه الأحكام وتعتبر طرق الطعن ضمانة لتفادي الأخطاء القضائية، وتصنف طرق الطعن إلى:
- طرق الطعن العادية التي تهدف إلى إعادة النظر في القضية من جديد وهي طرق مفتوحة للمتقاضين وتتمثل في المعارضة والاستئناف.
- طرق الطعن الغير عادية هدفها إعادة النظر في قانونية القرار الصادر من المجلس وهما التماس إعادة النظر والطعن بالنقض.
وسنتطرق في المبحث الأول إلى طرق الطعن العادية وفي المبحث الثاني إلى طرق الطعن الغير عادية
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة:
تعتبر المعارضة طريقا من طرق الطعن العادية التي تهدف إلى منع الحكم من حيازة الشيء المقضي فيه وذلك في حالة صدور الحكم في غياب المتهم.
إن المتهم الذي لم يحضر إجراءات المحاكمة لم يتمكن من تقديم دفاعه وبالتالي لم تستمع المحكمة إلى حججه ومكن أن يكون سبب تخلفه خارجا عن إرادته ومن ثمة فإن الحكم لا يخضع إلى مبدأ حضورية الإجراءات ومادام التخلف عن الحضور خارجا عن إرادة المتهم فإن القانون يرخص له تدارك الحكم بالمعارضة.
إن مجال المعارضة هو الأحكام الصادرة في الجنح والمخالفات ذلك أن في مجال الجنايات فإن المعارضة يحل محلها إعلان إجراءات التخلف عن الحضور ويحق للمتهم المعارضة في الحكم الصادر ويجوز أن تنحصر المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية .
أما المعارضة الصادرة من المدعي المدني أو من المسؤول عن الحقوق المدنية فلا أثر لها إلا على ما تعلق بالحقوق المدنية .
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا:
تقتضي المعارضة ألا يكون المتهم قد امتنع عن الحضور بإرادته ويعتبر الحكم غيابيا في حالتين:
- إذا تم تبليغ المتهم ولكن لا يوجد دليل يفيد بتلقيه التبليغ.
- إذا تلقى المتهم التبليغ وقد عذرا مقبولا لعدم الحضور.
وتنص المادة407 من قانون الإجراءات الجزائية "كل من كلف بالحضور تكليفا تخلف عن الحضور يحكم عليه غيابيا".
الفرع الثاني: ميعاد وإجراءات رفع المعارضة:
1- ميعاد المعارضة: تقبل المعارضة في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم للمتهم.
وتمدد هذه المدة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني ، إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم تعين تقديم المعارضة في المواعيد السابق ذكرها آنفا والتي تسري اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم للموطن أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة .
2- إجراءات رفع المعارضة:
يطعن بالمعارضة بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم الغيابي في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم كما تبلغ هذه المعارضة بكل وسيلة إلى النيابة العامة التي يعهد إليها إشعار المدعي المدني بها وذلك برسالة مضمنة الوصول وفي حالة ما إذا كانت المعارضة قاصرة على ما قضى به الحكم من الحقوق المدنية فيتعين على المتهم أن يقوم بتبليغ المدعي المدني مباشرة بها .
الفرع الثالث: آثار المعارضة:
للمعارضة أثرين هما:
1- الأثر الموقف:
ومفاده أن المعارضة توقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فيها، إلا في حالة وحيدة ذكرتها المادة 353فقرة02 و03 بقولها "وتحكم عند الاقتضاء في الدعوى العمومية ولها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة والاستئناف".
2- الأثر الملغي:
ومفاده أن المعارضة تلغي ما قضى به الحكم الغيابي ، حيث أن الجهة التي أصدرت الحكم الغيابي تفصل من جديد في القضية فإذا حضر المتهم إلى الجلسة المحددة فإن محاكمته تعتبر حضورية وتسترجع المحكمة حريتها نتيجة إلغاء الحكم السابق بالمعارضة ويمكن لها إلغاء ما قضت به سابقا أو تخفيفه أو تشديده أما إذا لم يحضر المتهم بالجلسة المعلنة فإن معارضته تصبح كأن لم تكن .
المطلب الثاني: في الاستئناف:
يختلف الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا، ويعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لإصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا للمبدأ المعروف "التقاضي على درجتين" كما أنه وسيلة لمنع حيازة الحكم حجية الشيء المقضي فيه.
وتفصل الجهة الإستئنافية في الاستئناف في مواد الجنح والمخالفات مشكلة تشكيلا ثلاثيا بحيث يكون الرئيس برتبة رئيس غرفة ومستشاريه برتبة مستشار.
ويقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة وأعمال قلم الكتاب يؤديها أمين ضبط الجلسة، وإذا كان المستأنف محبوسا تنعقد الجلسة وجوبا خلال شهرين من تاريخ الاستئناف .
وتكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح والمخالفات إذا قضت بعقوبة تزيد عن 100 دج طبقا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص على أنه تكون قابلة للاستئناف "الأحكام الصادرة في مواد الجنح إذا قضت بعقوبة الحبس أو عقوبة غرامة تتجاوز100 دج أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز 5 أيام".
كذلك نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه "يجوز للمدعي المدني أو وكيله أن يطعن بالاستئناف في "الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق والأوامر الصادرة بعدم إجراء تحقيق أو بألا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوق المدعي المدنية، غير أن الاستئناف هنا لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم احتياطيا، كما يجوز له أن يستأنف الأمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على دفع الخصوم بعدم الاختصاص".
الفرع الأول: حق وميعاد وإجراءات الاستئناف:
1- حق الاستئناف:
يتعلق بالمتهم، المسؤول المدني، وكيل الجمهورية، النائب العام، الإدارة العامة، الطرف المدني طبقا لنص المادة417 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص "يتعلق حق الاستئناف بالمتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية ووكيل الجمهورية والنائب العام والإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية والمدعي المدني وفي حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم وبالمسؤول عن الحقوق المدنية ويتعلق هذا الحق فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط.
2- ميعاد الاستئناف:
يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيما تسري من تاريخ النطق بالحكم الحضوري طبقا لنص المادة 418فقرة01 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص "يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري.
غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن وإلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو بتكرار الغياب أو اعتباريا حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 345 و347 فقرة01 و03 والمادة350 وهذا طبقا للمادة 418 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.
و في حالة استئناف احد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة 05 أيام إضافية لرفع الاستئناف هذا بالنسبة للخصوم أما فيما يخص السيد النائب العام فيكون ميعاد الاستئناف في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق في الحكم .
وتنص المادة 426 أنه إذا فصلت المحكمة في طلب إفراج مؤقت وفقا للمواد 128/129/130 تعين رفع الاستئناف في مهلة 24 ساعة، ويضل المتهم محبوسا ريثما يفصل في استئناف وكيل الجمهورية وذلك في جميع الأحوال حتى تستنفذ مهلة ذلك الاستئناف.
ويرفع الاستئناف في أوامر قاضي التحقيق في ظرف 03 أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم وذلك أمام غرفة الاتهام .
3- إجراءات رفع الاستئناف:
يرفع الاستئناف بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالاستئناف ويعرض على المجلس القضائي .
ويرفع وجوبا تقرير الاستئناف ويجب أن يوقع عليه من قبل كاتب الضبط ومن المستأنف نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع وفي الحالة الأخيرة يرفق التفويض بالمحرر الذي دونه أمين الضبط، وإذا كان المستأنف لا يستطيع التوقيع ذكر أمين الضبط ذلك .
وإذا كان المتهم محبوسا جاز له كذلك أن يودع تقرير استئنافه في المواعيد المنصوص عليها في المادة418 لدى كاتب الضبط بالمؤسسة حيث يتلقى ويقيد في الحال في سجل خاص ويسلم له إيصال عنه ويتعين على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يرسل نسخة من هذا التقرير خلال 24 ساعة إلى كتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه وإلا عوقب إداريا .
ويجوز رفع الاستئناف بعريضة تودع بكتابة ضبط المحكمة في المواعيد المنصوص عليها لتقرير الاستئناف ويوقع عليها المستأنف ومحاميه أو وكيل خاص مفوض بالتوقيع وترسل العريضة وكذلك أوراق الدعوى بمعرفة وكيل الجمهورية إلى المجلس القضائي في أجل أقصاه شهرا.
وإذا كان المتهم مقبوضا عليه يحال في أقصر مدة وبأمر من وكيل الجمهورية إلى مؤسسة إعادة التربية بمقر المجلس القضائي .
4- إجراءات رفع الاستئناف أمام المجلس القضائي:
نظمتها المواد 430/431/432/433 من قانون الإجراءات الجزائية، إذ يفصل في الاستئناف في جلسة بناءا على تقرير شفوي من أحد المستشارين ويستجوب المتهم ولا تسمع شهادة الشهود إلا إذا أمر المجلس بسماعهم وتسمع أطراف الدعوى بدأ بالمستأنف فالمستأنف عليه وتبقى الكلمة الأخيرة دائما للمتهم .
إذا رأى المجلس أن الاستئناف قد تأخر رفعه أو كان غير صحيح شكلا قرر عدم قبوله وإذا ما رأى أن الاستئناف رغم كونه مقبولا شكلا، ليس قائما على أساس قانوني قضي بتأييد الحكم المطعون فيه .
أما إذا كان الحكم باطلا بسبب مخالفة أو إغفال لا يمكن تداركه للأوضاع المقررة قانونا والمترتب على مخالفتها أو إغفالها البطلان فإن المجلس يتصدى ويحكم في الموضوع .
ويجوز للمجلس بناءا على استئناف النيابة أن يقضي بتأييد الحكم أو إلغاءه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه، وليس للمجلس إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده أو من المسؤول عن الحقوق المدنية أن يسيء حالة المستأنف، ولا يجوز له إذا كان الاستئناف مرفوعا من المدعي المدني وحده أن يعدل على وجه يسيء إليه، ولا يجوز للمدعي المدني في دعوى الاستئناف أن يقدم طلبا جديدا ولكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى .
الفرع الثاني: آثار الاستئناف:يترتب على الاستئناف أثران:
1- الأثر الموقف والأثر غير الموقف:
للاستئناف أثر موقف للتنفيذ إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد 357 فقرة02و03 بقولها "وتحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية ولها أن تأمر بدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة والاستئناف" وفي المادة365 بقولها "يخلى سبيل المتهم المحبوس فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة وذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب أخر، كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس احتياطيا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المحكوم بها عليه"، والمادة 419 "يقدم النائب العام استئنافه في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم وهذه المدة لا تحول دون تنفيذ الحكم، والمادة 427 بقولها "لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو التمهيدية أو التي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع وفي الوقت نفسه مع استئناف ذلك الحكم"، وليس للاستئناف المرفوع من طرف المتهم ضد الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أثر موقف .
2- الأثر الناقل:
يترتب على الاستئناف أثر ناقل ومعنى ذلك أن الاستئناف يحيل القضية إلى جهة عليا تعيد من جديد الإجراءات وتقيم العناصر القانونية والموضوعية للقضية ولا يترتب على هذا الأثر الناقل إلا في حالة اتصال الجهة العليا بالاستئناف مع الملاحظة أن الاستئناف لا يلغي الحكم وإنما يحيله إلى جهة عليا.
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف:
هناك حدود معينة تترتب على نقل القضية إلى جهة الاستئناف التي يجب عليها مراعاتها، فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لوقائع غير تلك التي أحيلت على القاضي الأول بحيث أن تطرق جهة الاستئناف لوقائع أخرى يترتب عليه حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي وهذا ما يسمى بعدم إثارة طلبات جديدة في الاستئناف.
وتتقيد جهة الاستئناف بموضوعه حيث يحق للمستأنف رفع استئناف في جزء من الحكم، فمثلا إذا رفع المحكوم عليه بالحبس والغرامة استئنافه حول الحبس فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لموضوع الغرامة، ولا يحق لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركز المستأنف وذلك بإصلاح الحكم بكيفية مخالفة لمصالحه سواء كان المستأنف هو المتهم أو المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية وعليه إذا كان المتهم هو المستأنف ولم تستأنف النيابة العامة فلا يجوز لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركزه بتقرير عقوبة أشد أو تغيير وصف الجريمة إلى وصف أشد، كما أنه لا يجوز لها إساءة مركز الطرف المدني أو المسؤول المني في حالة استئنافهما، أما في حالة ما إذا قامت النيابة العامة بالاستئناف فيجوز للمجلس أن يقضي إما بتأييد الحكم أو تعديله كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه .
وهناك حالة فريدة تقع كثيرا يجب الإشارة إليها وتتمثل في كون الطرف المدني هو المستأنف الوحيد لحكم قضى ببراءة المتهم فمثل هذا الاستئناف ينصب فقط على الدعوى المدنية ومادامت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الجزائي فإن الدعوى العمومية تكون قد انقضت فكيف تفصل جهة الاستئناف في هذا الاستئناف؟
في هذه الحالة تقوم جهة الاستئناف بالتحقق من وجود عناصر الجريمة تأسيسا على أن الدعوى المدنية لا تكون مقبولة إلا إذا كانت ناشئة عن الجريمة فإذا ما تبين لجهة الاستئناف ارتباط بين الضرر المطلوب جبره والجريمة فإنه لا يجوز معاقبة المتهم وإنما يحق لها منح تعويضات للطرف المدني وهذا المبدأ استقر عليه الفقه.
المبحث الثاني: طرق الطعن غير العادية:وسنتطرق فيه إلى الطعن بالنقض في المطلب الأول وإلى التماس إعادة النظر في المطلب الثاني.
المطلب الأول: الطعن بالنقض: يتم الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ويهدف إلى إصلاح الأخطاء القانونية التي ارتكبت على مستوى المحاكم والمجالس، ويختلف الطعن بالنقض عن الاستئناف من حيث أن المحكمة العليا غير مختصة بإعادة النظر في الوقائع التي استند إليها الحكم المطعون فيه ولا تملك كذلك سلطة إجراء التحقيق أو سماع الشهود وإنما يجب عليها فقط البحث عما إذا كان الحكم المطعون فيه مطابقا للقانون وذلك تطبيقا لمبدأ أن المحكمة العليا محكمة قانون وليست محكمة وقائع وأنها لا تشكل درجة ثالثة من التقاضي بل هي جهة مقومة لأعمال القضاء العادي بشقيه المدني والجزائي.
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض: إن الطعن بالنقض طريق من طرق الطعن الغير عادية يهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه ومن ثمة فمجاله الحالات المحددة في القانون فطبقا لنص المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية "يجوز الطعن بطريق النقض أمام المحكمة العليا:
أ- في قرارات غرفة الاتهام ما عدا ما يتعلق منها بالحبس المؤقت والرقابة القضائية.
ب- في أحكام المحاكم والمجالس القضائية الصادرة في آخر درجة أو المقضي فيها بقرار مستقل في الاختصاص.
ولا يجوز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة بالبراءة إلا من جانب النيابة العامة، وفي أحكام الإحالة الصادرة من غرفة الاتهام في قضايا الجنح والمخالفات إلا إذا قضى الحكم في الاختصاص أو تضمن مقتضيات نهائية ليس في استطاعة القاضي أن يعدلها، غير أنه يجوز أن تكون الأحكام بالبراءة محلا للطعن بالنقض من جانب من لهم الاعتراض عليها إذا ما كانت قد قضت إما في التعويضات التي طلبها الشخص المقضي ببراءته أو في رد الأشياء المضبوطة أو في الوجهين معا ولا تجوز مباشرة الطعن بطريق عرضي، طبقا لنص المادة 496 من قانون الإجراءات الجزائية.
1- الحق في الطعن بالنقض:
يتعلق بالنيابة العامة، المحكوم عليه أو محاميه أو وكيل مفوض عنه بالتوقيع بتوكيل خاص، المدعي المدني أو محاميه، المسؤول المدني طبقا للمادة 497 من قانون الإجراءات الجزائية.
وفضلا عن الإستثنائين المنصوص عليهما في المادة 496 السابقة الذكر فإنه يسمح للمدعي المدني بالطعن في أحكام غرفة الاتهام إذا قررت عدم قبول دعواه وإذا قررت أنه لا مجال لادعائه بالحقوق المدنية إذا قبل الحكم دفعا يضع نهاية للدعوى المدنية إذا سها عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام أو إذا كان القرار من حيث الشكل غير مستكمل للشروط الجوهرية المقررة قانونا لصحته، وفي جميع الحالات الأخرى غير المذكورة بالذات فيما إذا كان ثمة طعن من جانب النيابة العامة.
2- شروط الطعن بالنقض:
تكون قابلة للطعن بالنقض تلك الأحكام والقرارات الصادرة عن آخر درجة ويترتب على ذلك ما يلي:
أ- لا يقبل الطعن بالنقض في الحكم القابل للاستئناف لو أن الاستئناف لم يرفع.
ب- لا يقبل الطعن بالنقض إذا كان القرار أو الحكم قابلا للمعارضة.
بصفة عامة حتى يمكن مباشرة طرق الطعن غير العادية يجب أولا مباشرة طرق الطعن العادية أي احترام درجات التقاضي.
3- إجراءات رفع الطعن:
يرفع الطعن بتقرير لدى كتابة ضبط الجهة التي أصدرت القرار المطعون فيه ويجب توقيع تقرير الطعن بالنقض من أمين الضبط والطاعن بنفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع وفي الحالة الأخيرة يرفق التوكيل بالمحضر المحرر من أمين الضبط وإذا كان الطاعن المقرر لا يستطيع التوقيع، نوه عن ذلك، وترفق نسخة من المحضر وكذا التقرير بملف القضية ويجوز أن يرفع الطعن بكتاب أو برقية إذا تعلق بمحكوم عليهم يقيمون في الخارج، غير أنه يشترط أن يكون في خلال مهلة شهر المنصوص عليها في المادة 498 من ق أج، ويصدق على الطعن محام معتمد لدى المحكمة العليا يباشر عمله بالجزائر ويكون مكتبه موطنا مختارا حتما ويترتب البطلان على مخالفة هذا الشرط وإذا كان المتهم محبوسا جاز رفع الطعن إما بتقرير يسلم إلى أمانة ضبط المحكمة العليا بمعرفة مدير المؤسسة الذي يتعين عليه أن يصادق على تاريخ تسليم الكتاب إلى يده .
4- ميعاد رفع الطعن بالنقض:
مهلة الطعن بالنقض هي 08 أيام بالنسبة لجميع الأطراف، وتسري هذه المهلة من يوم النطق بالقرار إذا كان حضوريا، ومن تاريخ التبليغ إذا كان القرار غيابيا أو حضوريا اعتباريا، وتمدد هذه المهلة إلى شهر إذا كان أحد أطراف الدعوى مقيما بالخارج .
الفرع الثاني: أوجه الطعن بالنقض: حددت المادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية الأوجه التي يبنى عليها الطعن بالنقض وهي:
- عدم الاختصاص.
- تجاوز السلطة.
- مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات.
- انعدام أو قصور الأسباب.
- إغفال الفصل في وجه الطلب أو في أحد طلبات النيابة العامة.
- تناقض القرارات الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض فيما قضى به الحكم أو القرار نفسه.
- مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه.
- انعدام الأساس القانوني.
فإذا كان الطعن بالنقض جائزا ومقبولا شكلا فإن المحكمة العليا تفصل في موضوعه بأحد القرارين:
1- قبول الطعن بالنقض ونقض الحكم: إذا أصدرت المحكمة العليا قرار بقبول الطعن موضوعا فإنه يقضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى الجهة القضائية نفسها مشكلة تشكيلا أخر أو إلى جهة قضائية أخرى من نفس درجة الجهة التي أصدرت القرار المنقوض.
2- قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا: وهذا إذا توصلت المحكمة العليا إلى أن القرار محل الطعن غير مؤسس على الحالات المنصوص عليها في المادة 500 المذكورة أعلاه.
الفرع الثاني: أثر الطعن بالنقض: للطعن بالنقض أثران:
- أثر موقف للتنفيذ وهذا ما نصت عليه المادة 499 فقرة01 ق أ ج "يوقف تنفيذ الحكم خلال ميعاد الطعن بالنقض وإذا رفع الطعن فإلى أن يصدر الحكم من المحكمة العليا وذلك فيما عدا ما قضى فيه من الحقوق المدنية".
- أثر غير موقف وهذا ما نصت عليه المادتين 499 فقرة02 و03 من ق أ ج "و بالرغم من الطعن يفرج فورا بعد صدور الحكم على المتهم المقضي ببراءته أو إعفائه أو إدانته بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة وكذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس الذي يحكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد استنفاذ حبسه الاحتياطي(المؤقت) مدة العقوبة المحكوم بها".
وتنص المادة 474 فقرة أخيرة من ق أ ج " ولا يكون للطعن أثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 من قانون العقوبات.
الفرع الثالث الطعن لصالح القانون: تعرض المشرع للطعن بالنقض لصالح القانون في المادة530 من ق إ ج، حيث خول القانون صلاحية الطعن بالنقض لصالح القانون فقط للنائب العام لدى المحكمة العليا من تلقاء نفسه أو بناءا على تعليمات من وزير العدل.
1- شروط الطعن بالنقض لصالح القانون: حددت المادة 530 من ق أ ج شروط الطعن لصالح القانون كما يلي:
- أن يكون الطعن متعلقا بحكم نهائي من محكمة أو مجلس قضائي.
- أن يكون الحكم أو القرار مخالفا للقانون أو لقواعد الإجراءات الجوهرية.
- أن لا يكون الخصوم قد طعنوا فيه في الميعاد المقرر.
فإذا توفر شرط من هذه الشروط فإن النائب العام لدى المحكمة العليا ملزم بان يعرض هذا الأمر بعريضة على المحكمة العليا.
2- آثار الطعن بالنقض لصالح القانون: إذا نقض الحكم فلا يجوز للخصوم التمسك بالقرار الصادر من المحكمة العليا للتخلص مما قضى به الحكم المنقوض، وإذا قضت المحكمة العليا ببطلان الحكم يستفيد المحكوم عليه منه ولكن لا يؤثر في الحقوق المدنية.
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر:
ينصب التماس إعادة النظر على الحكم القضائي البات القاضي بالإدانة في موضوع جناية أو جنحة.
تنص المادة 531 من ق أ ج "لا يسمح بطلبات إعادة النظر إلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن المجالس القضائية أو الأحكام الصادرة عن المحاكم إذا حازت قوة الشيء المقضي فيه وكانت تقضي بالإدانة في جناية أو جنحة".
الفرع الأول: حالات طلب التماس إعادة النظر: تنص المادة 531 فقرة02 ق أ ج على " يجب أن يؤسس طلب التماس إعادة النظر على إحدى الحالات الأربعة:
- تقديم مستندات بعد الحكم بالإدانة في جناية قتل يترتب عليها قيام أدلة كافية على وجود المجني عليه المزعوم قتله على قيد الحياة.
- إذا أدين بشهادة الزور ضد المحكوم عليه شاهد سبق أن ساهم بشهادته في إثبات إدانة المحكوم عليه.
- إدانة متهم آخر من أجل ارتكابه الجناية أو الجنحة نفسها بحيث لا يمكن التوفيق بين الحكمين.
- كشف واقعة جديدة أو تقديم مستندات كانت مجهولة من القضاة الذين حكموا بالإدانة مع أنه يبدو منها أن من شأنها التدليل على براءة المحكوم عليه.
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر: طبقا للمادة 531 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية فإن التماس إعادة النظر يرفع من وزير العدل أو المحكوم عليه أو نائبه أو زوجه أو فروعه أو أصوله في حالة وفاته أو ثبوت غيابه بالنسبة للحالات الثلاثة الأولى، وفي الحالة الرابعة لا يجوز ذلك لغير النائب العام لدى المحكمة العليا متصرفا بناءا على طلب من وزير العدل.
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر: يرفع الأمر مباشرة إلى المحكمة العليا ويفصل فيه بعد سماع التماسات النيابة والخصوم وبعد اتخاذ ما يراه لازما من إجراءات التحقيق وإذا تبين صحة موضوع الالتماس فإنه يقضى ببطلان الحكم دون إحالته إلى الجهة التي أصدرته وهذا ما نصت عليه المادة 531 فقرة03 و04 من ق أ ج " وتفصل المحكمة العليا في موضوع دعوى إعادة النظر ويقوم القاضي المقرر بجميع إجراءات التحقيق وعند الضرورة بطريق الإنابة القضائية وإذا قبلت المحكمة العليا الطلب قضت بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي ثبت عدم صحتها".
أما في حالة قبول الطلب تقضي المحكمة العليا بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي ثبت عدم صحتها وتقبل طلبات التعويض للمحكوم عليه أو ذوي حقوقه طبقا لنص المادة 531 مكرر ق أ ج، تتحمل الدولة التعويضات الممنوحة لضحية الخطأ القضائي أو ذوي حقوقه ونشر القرار
الخــاتمــة:
إن مبدأ الشرعية يوجب تعدد درجات التقاضي، فإذا كانت القاعدة قابلية الأحكام للاستئناف كنتيجة لمبدأ المشروعية، فان عدم قابلية أحكام محكمة الجنايات للاستئناف فيه إهدار لمبدأ المشروعية الذي يقضي بوجوب منح المتهم وجهة الاتهام فرصة إعادة النظر في الحكم أمام محكمة ثانية تعيد النظر في الوقائع وتصحح الأخطاء، لذلك نرى أنه يجب إعادة النظر في عدم قابلية أحكام محاكم الجنايات للاستئناف وذلك بتقرير الاستئناف فيها بالنظر إلى خطورة أحكامها، ولا يقلل من أهمية وجهة نظرنا هذه كون محكمة الجنايات مشكلة من محلفين إذ بالنظر إلى طبيعتهم في تشكيل المحكمة، وبالنظر إلى قاعدة الاقتناع الشخصي في إصدار الأحكام، فانه لا يمكن تفادي الأخطاء الملازمة لهذه التشكيلة وما يترتب على ذلك من مساس بحقوق الخصوم.